أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 04/09/2022

الكاتبة: فاطمة الفلاحي-العراق

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

أنا حَرفٌ لا يَنْزِحُ ولا يَنْزَحُ ، وإِن نفدَني بَصَرُه

 

-فاطمة الفلاحي - العراق

الشهادة:

-بكالوريوس ادب فرنسي- دراسات ماستر ادب فرنسي حاليا

-دبلوم انكليزي

-بكالوريوس ادارة واقتصاد -مسائي

 

الأهتمامات:

الشعر الحديث – القصة القصيرة – ق.ق.ج – الخواطر والنثر – الكتابة بمختلف المجالات

 

النتاج الادبي:

من الرومانسيات:

ديوان شعر: 

-حرائق مملكة الصمت

-تراتيل انثى 

-سفر الكلمات

-ذاكرات معلقة

-فنتازيا

              

وطنيات:

-على عتبات الوطن

-رسائل شوق

 

القصة:    

-الحب رحيل - قصص قصيرة

-ما تبقى على أناملها - قصص قصيرة

-الحدود الساحر - قصص قصيرة

-حرائق حرب - ق . ق . ج

 

الخواطر والنثر:  

-شذرات هموم

 

كتابات مختلفة: 

-أبحاث يسارية واشتراكية

-أبحاث عن (إمرأة من الشرق)

-في طور الدراسة والاعداد امراءة من الغرب

-فكر يكتنزه الورق  - من اعدادي

-الادب العالمي - المكتبة الالكترونية

-كتاب - فاتي في فن الطبخ

-كتيب عن النت - معلومات نتية 

-كتابات أخرى لم تنظم في مجالات عدة         

-منها: غواية والف ليلة شهرزادية - مجموعة قصصية

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

امرأة استثنائية

بواكير الفجر

 حظر تجوال

 

 

حظر تجوال

 

 

في حشدِ الافكار وصَّـتِيت الروح ، أكَلَف بأعمالٍ مرهقةٍ ، فأَتَجَشَّمْ

هولَ تلك الأعباء ِ ، وأتناساها حين أخوضُ غمارَ أحلامي المترفة

فأتَلدَّنُ عليها ، أو حينَ أرتبُ أجزائي المبعثرة ، أندسُ في فراشي ،

وأغمضُ عيناي ، لأحلمُ بأشياء يتعسرُ عليَّ لمسها أو نيلها ..

أفقتُ على لمستهِ لكتفي ، وجاء كلامهُ معي فراطاً ، وبترقب ملحوظ لكلينا

.. رافقتهُ للصالة ..وبقيتُ كما انا ، عالقة بي رائحة الشواء .. سألتهُ

عما يرغب .. ! قال : قهوة حلوة ..

ويعني هذا، سكرها بنسبة 70% ... سرقتُ بعض الخطوات لغرفتي ، أبدلتُ ملابسي على عجلٍ ،ورتبتُ هندامي وأنعشتُ روحي بمسحاتٍ خفيفة لوجنتي وشفتي وأسبلتُ شعري ..

 

* * *

 

شعورٌ غريب إنتابني حين وضعتُ أمامهُ فنجانه وقدح الماء .. أطال

نظره لي ..التفت يميناً وشمالاً رأيتُ بعضنا فقط في الغرفة، بعدما كانت

ممتلئة بضجيجهن .. بدا لي إن أمراً ما، مطروقاً بعيداً عني ..

قال: أجلسي لنخطط كيف سننهي الأزمة .....

- أي أزمة ؟

- ألا تعلمين ؟

- وضح .. !!!

- زواجنا ...!

- ومن صرحَ بذلك ؟

- الأعرافُ والسُنة ..

إغتالني الصمت .. وتراءى لي تكسرُ أحلامي ...

- هل باتتْ أحلامك وئيدة ؟

- وأنتَ مابال أحلامك ؟

- إن روحي لم تتكسر الآن ، لأنها سبق وأن كُسرت . وأُعلنَ على إرَبي حظر

التجوال ،فقد كنت محتاجاً، أن يُكسر قلبي لكي لا يصادرهُ أحداً لا أحبهُ .

- صادرتهُ هي ؟

- نعم ، فلن أتمكن من منحكِ قلبي .. وإرتباطنا سيكون صورياً .

- أرحتني ..

- مختصرة ... أها نسيتُ حين أكونَ معكِ ، أعيشُ عصرَ إختزال الكلام .

 

* * *

 

مرتشفاً لقعرِ قهوتهِ .. تداركَ سقوط رماد سيجاره ،حين لمحني أمدُ يدي

لدفع المنفضة تحت ناصيتها ، إحتضنهُ بكفهِ ، مطبقاً عليه خوفاً أن يتسربَ

حريقُ كلماتهِ من بين أناملهِ ، حين تسربلتهُ فكرة إبتعادهِ عنها .. وأن

تتشظى روحه من دونها ، قام متوجهاً صوب النافذة ،ذاراً له بنفحةٍ من

فمهِ.. قال وبغصة :

 

- تعلمتُ منكِ كيف أُرقنُ قيدي ، وهذه ضريبة ضعفي أمامكِ ، دخلتُ لكي أنهي أزمة ، لا أن أفتحَ جبهة أخرى ، : ولكونكِ أرقى مخلوقة ولدت في عشيرتي ،يبدو إن يومي بدايته بالبكاء ولن ينتهي بـ ... مازلتُ أبكي ..هكذا عرفتك.

 

* * *

 

أجبتهُ بإقتضاب وبعينٍ دامعة ..

- أبطالُ روايتكَ هم أبطالُ روايتي . لِمَ نحن لا نخرج من حدود عالمنا والعشيرة ...؟

- لانستطيع ..تلزمنا سرعة أكبر من سرعة الصوت .

- هل ما زلت تبكين ؟

- نعم

- أعطني نصف مناديلكِ وأنفكِ الأحمر .

- لم تعدْ مناديلي كافية .

- أنت إنسانة حساسة ، ومناديلكِ بدتْ قليلة ، ودموعكِ بالأطنان ، أنا

الآخر لا أريد أن أؤذيك ، ولكن حسبي وحسبك إن الملائكة لا تنجب ولا تتزوج

،مجرد ان تحتفظ بحبها، وبريقها الذي له التماع دموعك ...

- أضيعُ معكَ ..

- يسعدني التسكع معاً ، مادام الرقيب لم يعلنْ على لساني بعد حضر التجوال

، سأخبركِ عنها شيئاً .. أحببتها مابين نفسي ونفسي ، وكنت سعيداً في عدم

إيصال كل الأشياء لها ، كنت أريد أن أستمر بحالة التناغم دون أن تدري ، من

حقي أن أعيش ، كما أريد أن أعيش ، ولكن أن اسمعكِ إحتضاري ،هذا ما أثار

جنوني .

- شاعرٌ انت ؟

- الشعر صفة عشيرنا ، فإعتبريهِ كلام شاعر يكذب ، والليل يحرض على الكذب .

- إيه يا ابن العم ، إنكَ تبكيني .. إن روحي مازالت تمتشق روحه ،وفي يومي

المزدحم اتذكرهُ في أجزاء الثانية ، وأتعاطاهُ وأبتسم حتى آخر مدى أسناني

كالمجنونة .

- كم أنت رائعة .. لا تبكين عندما يضربكِ سيف الانسانية .

- أفقد الشعور بالانتماء لكَ ..

- هل تحرضيني على كرهكِ ؟ فأنت مخطئة .. بل تحرضني على فهمكِ.

- أنا بعيد عن لجامكِ لي ، أنا سائسُها الأمين ، وهي مليكتي ،والأعرافُ تطلب مني الزواج من الأميرة ، لكني أستطيع الإنقلاب .

- لاتتمكن .....

- شيء واحد يعيقني ربما .. صدقي معكِ .

- وان أُُجْبرتْ ....!

- لا تخافي لن أسرق خيولكِ .

- تصوري .. انا في حياتي تمنيت تكون لي غرفة خاصة بي ، تعذر عليّ ذلك ، ولما قرروا إرتباطنا وهبوني غرفةً متكاملة الرشوة

- فهل ستبني من حطامِ قلبي قلاع مجدكَ؟

- مادامت إبتسامتي لك عذراء ، إقطفي زهرة خرساء من بين حطامي ،لتتعلمي

منها نقطة البداية، لأول إرتعاشة قلب وشهقة وجد ، وإن العالم يشبه إستدارة

قلبي ، ولتتعلمي الحكمةَ من تلك الزهرة ، بان الحب ، سيمفونية تعزفها

القلوب المحطمة ، فابني قلاعكِ من قلبي المحطم ، سيري في أروقتها ، وحين

يختفي ظلكِ ، ستجدين ما يتبعكِ ،ليس سوى ظل إحتضاري.

وددت لو ينتهي الموضوع ..كم تمنيت ان أختلي بنفسي، أو ان ألوذ بصمتي ، حتى

وإن كان ذلك في حضرته .. قلت في غايتي إنهاء لحظات باتت وشيكة، ان يُوقد

النار فيها :

- لاأحب أن أقتص من وقت راحتك معها.

- الوقت معكِ أعتبره طقوس .

- وإن يكن ،لا أحب ذلك .

- ولكن اقتصاصكِ قصاص عادل ،لهدر الوقت اليومي ببعدها القصري عني .

 

* * *

- كلميني عنهُ .. ؟

- أسمعُ قلبهُ كيف ينبض .. و.. .

لم يدعني أكمل قال متعجباً :

- أعلم إن مجاهيل قلبكِ سحرية ، والوصول اليها ضرب من ضروب المستحيل ، وان بحركِ ليس له آخر ، كيف وصلكِ ؟

- أحبَ إعتلاء موجي ،وكان لي وطن ، فهو يشبهني ، تمنيت أن يشبهني حتى ببصمة الإبهام

- كيف ... ؟

- لانه إنسان ، يقول معكِ الكلمات تتوه من بين أصابعي وتتلاشى فأي مخلوقة أنت ؟.. هي معك جذوة المساءات وتراتيل العاشقين .

- لِمَ لفك السكون ؟ .. هل أوجعتكَ ذكراها ؟

تنهد وطال في تنهيدته ..وحاصرتني نظرات استغرابهِ ، وتردد وكأنه يبحث عن ردود مبهمة قال:

- لا لم يكن كما ذكرتي ، لاني لا أعرف الإسترسال في عشوائية حياتي ، فهي

سفينة ضائعة في غياهب لهيف القلب ، أخذت زمنا خرافياً ، غير إن الأزمنة

أقصر من أحلامي . ..

 

* * *

 

لم يكمل حديثه .. وراشقني بنظرات حديثة العهد ، إكتنزت عيناه كل تفاصيلي

..فأركزَ كوعه على مسند الكرسي ..وقد قنعت اصابع يده اليمنى صفحة وجهه ،

ناظرا لي من خلالها بأبتسامة ماكرة ،غرة ..قائلاً:

- إرتحت لك جداً ، تسحريني ، سأستبدل الأبطال ، كنت أخافك ِ، آآآه دعيني أقبلُ نفس السنة التي ولدنا فيها ..

- مابكَ..؟

- لاعليكِ ، دعكِ مني .. أكملي :

فأردفت قائلة :

- معي، الاشياء الجميلة حلمْ ، تُقتَلْ .. عندما نصل اليهِ أو نفسرهُ

،هكذا تعلمتُ الجمال ،قبل أن أقرأ فكرة الجمال لهيغل ، رغم هذا وذاك أحب

العودة بين الأهل ، وأن أعيش ذكراه ....

- ستأتين ، وستضجري من النفاق والعشوائية، وتحلمين بالسفر مرة أخرى ،

وتصادر ذكراه منك ِ، يكفي إنك ستجديني مبتسماً أمامك ، أكبر منافق في

التاريخ ..

 

* * *

 

همهمتي جاءت بمفردات غنجة ،انسدلت دون وعي مني ، وإعتمرني الشوق فيها فقلت بلهفة :

- سأقَبلَهم ، وسأسمعهم ، سأعيش لحظاتهم ..سأركض بكل الإتجاهات .. وسأقبل

أزهاري وأشجاري وسأقَبلُكَ ...أوقفني رفعه لحاجبيه .. فقلت : يبدو إني

تجاوزت .

- مبتسماًومنتشياً قال : دعِ الروح تتكلم لا تلجميها، التقبيل ليس جرماً

شائناً، ستُقبليني من بين عيني هكذا سأطلبُ منكِ ..انتِ تبعثين على الأمل .

- وهل ستدعني أعيش لأجلهِ ...؟ أم ستسرق خيولي ؟

- سأنقلب رغم صدقي معكِ .. لو رقنت قيدكِ قبل أن أعرفكِ أكثر ، لكنت قد

وفرت الألم ، لكن بعدما ضربتني ركلاً بكل ما فيكِ ، وبلحظات أدمنتُ ركلكِ

. ..

- قلت بعصبية مخنوقة ، هل تهذي يارجل ... ؟

- نعم أعذري قلة أدبي لانها الحقيقة ..قلبي معكِ ، وأعتذر جداً ، لأني أنا

الآخر أمتلكُ شاربين ،وأعتذر أيضا لرجولتي التي لا يمكنها التنصل من

الأعراف والسُنة،لشغفها بك على حين غفلة ، وأعتذر لأني أعيشُ زمن الصعاليك

،وإني إكتشفتكِ متأخراً .. ولأننا ولدنا في زمن الأسلاك الشائكة ،والعواطف

الشائكة، واعتذر لأني لم أبكي جيداً الآن ، كم متعبٌ ومحبطٌ أنا؟

- ماالذي فعلتهُ لكي تجلدني هكذا .. ؟ .. كفْ إنك تؤلمُ رأسي ، وتبكيني ..

آهٍ .. سيسهدُ ليلٌ الهَوْجَلِ ، وستضاجعني الأوجاع وترمي بي الهموم ..

- إنك تقطعين قلبي ، رغم إن القدر أحمق ، جئتي في وقت ، أنا أتكسر فيه ،

وأنت تمكنت من لصق أجزائي. . أتوسلكِ ، لاتعلنين حظرالتجوال على خَطَراتُ

قلبي ، أرجوكِ خذي إجازة من رأسك ، كفي عن البكاء وأضحكي ، إسمعي كلامي ..

إبتسامتكِ تغنيني عن الدنيا ،أنا أحبُ فقري ، كما أحبُ إبتسامتكِ وضحكتك .

- ووعودك لها ..؟ِ

- لن أتخلى عن الأعراف والسُنة ، سأقدسكِ ............

 

 

 

بواكير الفجر

 

 

لفحتني برودةً قارسةً ، إتخذتُ من جسمي القرفصاء ،أخبطُ بيدي يميناً وشمالاً باحثةً عن شرشفي ، كنت التحف بهِ نصفي الأسفل..فلم اجدهُ ، يبدو إنهُ سقطَ ارضاً..حاولتُ التغافلَ عن فكرةِ الغطاء . وأوهمت نفسي بقليل من الأحلام الندية ،لأتغلب على الرجفة السارية في أوصالي .. تكورت أكثر طلباً للدفء، محاولةً العودة لاغفاءتي بحلم لذيذ ،كنت بطلته وفارقني في أولِ لفحةِ برد .

غادرني النوم ،قمتُ محتضنةً ليداي صوبَ النافذة المشرعة للبحر ،والمتوسد لموجاته ، مددتُ يداي لغلق رتاجها الخشبي.. إستوقفني بعضاً من ظل لرجل يسارع بالوقوف أمام نافذتي ..أنه هو زائري.. تبادلنا النظرات.. سرحتُ بعيداً ، أفقت من ذهولي، وهممت بغلق الرتاج ، إستدار للبحر يرتب عدتهِ....مازال سحر اللحظة ينتشيني .. أسرعت بخطاي صوب المخزن لأأخذ عدتي، والنزول للشاطيء ليس فقط من أجل إنتظار شروق الشمس بل لأراه عن قرب .

حاولت جاهدةً إيجاد بعض من إحتياجاتي الضرورية ، فلم أعثر على أغلبها ، يبدو إن أيديهن قد طالتها ، وحسبوا إني في إغفاءة طويلة بسبب الجهد الذي قمت به في ليلتها من إعدادات لزواج إحداهن ،ولن أصحو لغاية عودتهن ، لكن لم يكن في حسبانهن ، إن الريح قد سامرتني ونقلت لي عطره ،لتمنحني دعوة الأستلقاء على شاطيء الاحلام..

 

نزلت مسرعةً بقبعة كبيرة تغطي أغلب وجهي ونظارة سوداء أخفي بها لغبي ..وأعتمر شالاً زهريّ اللون يتناسق مع لبسي ، لأتجنب اللفحات الباردة ،عانقت قدماي شاطيء البحر بشوق ،مبتعدة عن مَدِه ِ قليلاً ، إفترشت الرمال ومعي جردل من الأفكار الساخنة والمترقبة .. وقصيدة يتيمة لم أكملها بعد ، وورقي وقلمي ، للأفهمه إني هنا من أجل تدوين ورسم شروق الشمس ..

بضع أمتار تفصلنا ،إتخذ من إحتضانه لساقيه ركيزة لذقنه ، شاخصاً بنظره للأفق البعيد.

لااعرف بماذا يفكر..؟ حركة غير محسوبة مني ، إلتفت إليهِ ،حين مَدَ عنقهُ صوبي مستنشقا لنسمات الهواء المختلطة بعطري النافذ ... إرتسمت إبتسامة الجيوكاندا على ملامحي .. إعتبرها جوازاً لمروره .. جاء وبرفقته قدح كبير أظنه من القهوة ..

أردف قائلا : هو لكِ، قدح من القهوة الكورسيكية لتشعري بالدفء ..( ليس بمقدوري رفضها إنها كورسيكية وكما أُحب فواصل حديثه معي )

- وسأجالسك لننتظر الشروق .. جلس مفترشاً لرملي وأختلط عطرانا .. أشاحت بواكير الفجر عن خدها الناعس بخيوطٍ أرسلتها الواحد تلو الاخر من أشعة الشمس الغافية .. راسمة شحوب لونها على صفحة خدي ..

- رفع قبعتي ونظارتي ، قائلا: لأنظر كيف سيرسم إنبلاج الفجر خيوطه على وجهك .. أزاح بعض من الخصلات المتدلية ، زاد حدة بريق عيني ووهجها بحمرة الخيط الأخير من الشمس ...

 

سألته هل تأتي كل يوم ؟

- نعم أرقب نزولك وما تفعليه على الشاطيء .. وبعد كل هرم تنحتيه من الرمل وتأبطك لحاجياتك ..أجلس مكانك ... لأتنفسك وأقبل ندى يديك على الهرم .. وأضع بعض من أفكاري راسماً باباً وفي أعلاها نوافذ مقفلة .. لأوهم نفسي بانه بيتنا .. وأستنشق ما تبقى من أريج عطرك

- ضحكت ..

- أول مرة أسمع ضحكتك

- إضحكِ مرة أخرى وبصوت أعلى ، دعيها تغتال الفجر وتحاصر الشمس لتخرج من غيلان نومها .. لتمنحك الدفء

- شعرتُ بحنو ظلهِ

- ليسورني بمعطفه

- مرتبكة هممت بالوقوف تناثرت أوراقي ، نسيت إني أحتضنها .. بدأ يلملم أشلائي المتناثرة.. فكري ورحيله عني بسعادة غامرة .. قلبي وإرتجافات عروقه ..قصيدتي اليتيمة التي حاول أن يطويها بعيداً عن ناظري ليدسها في بنطاله ..

- هل ترسمين أم تكتبين الشروق ؟

- أرسمه بحرفي (إلتحفنا بالشمس .. وسرى الدفء في أوصالي .. بدأت أفرد ساقي .. لأستعدل في جلوسي )

- وأنت؟

- أرسم..

- كم لوحة لك؟ ..

- الكثير

- ما عناوينها ؟

- أنتِ

- ضاحكة ..وكيف؟

- أنتِ والبحر ، أنتِ والنخيل ، أنتِ والقبعة، انتِ وقلبي الذي لايستكين .. أتعبني حبكِ ...

- دعينا نرسم أحلامنا .. رأيت لهفتك بالنزول على الشاطيء .. مدى إرتباككِ.. نزولكِ السريع دون أن تكثري من لبسك .. خوفاً أن لاتلحقي بي ..دعينا نرسم بيتا لنا ، ليس هنا على الرمل ،بل في قلبينا ..ناقراً بأنامله على صدري

- لكن ... ؟

- لاتدعي الأخرون يرسمون حياتك .. لأنك سوف تجهدين ولا تعرفي كيف ترضيهم ..

- مشيراً لقلبي .. دعيه يتنفسني ، سأسمع عصف نبضاته

- دعيني ألمسه ليهدأ .

- إمتهنا الصمت..وعشنا خيالات من ترف الحب

- وأفقنا على جلبة للعديد ممن جاء ليحظى بدفء الشمس

- وقفت لألملم ما تبقى لي من أفكاري الساخنة التي تسربلت من جردلي وأصابت عقلينا ، تأبطت قبعتي وأودعته معطفه ... إستنشقه بعمق .. غارقاًً وجهه فيه .

- اليوم أنتِ برفقتي سالتحف بهِ ليلاً.  

 

 

إمرأة إستثنائية

 

لم ألتقيهِ منذ سنين، لا أقول إني نسيتُ بعضاً من ملامحهِِ أو لم أعدْ اذكرها ،او اني نسيتُ عادته التي ما أفتك عنها يوماً ما .. وهي حين ينتعل الطرقات ،لتفريغِ شحناتِ غضبهِ ،مؤرجحاً لسلسلةِ مفاتيحهِ ،وحيناً آخر ،محركاً يديهِ ليعيش حلم عازف الاوكيسترا ، وهو يعزفُ الكادينزا (هي مقطع موسيقي ينفرد به العازف من دون مرافقة الفرقة ويظهر فيه كل طاقته الإبداعية ثم تختم الفرقة مع العازف المقطوعة. ) او أنهُ يدندنُ طريقُ النحل ، جاءني بعاداتهِ ، أصبح اكثر نضجاً بتقليمهِ لشاربهِ الغزير ، ووقعَ المشيبُ على مرجِ صدرهِ فترى السوادُ منه نافر ، نالته سُّمْرَة الى شُّهْبَة . وجديدهُ يعتصرُ سيجاره بشفيتهِ نافخاً سُحبها امواجاً لترنيماتهِ الموسيقية .

- انتِ ! ..الإستثنائية . . كما عهدتكِ جميلة ؟

- نعم أنا هي ..

- واصلَ حديثهُ ، مازال يأسرني ذكراكِ ، اخبريني هل تزوجتي ؟

- أتعملين؟

- أتدرسين ؟.

- ها ...( متنهداً ) قولي لي ، اين انت الأن؟

- وما الذي أتى بك الى هنا ؟ ...و ..و ..و

- أتعبتني اسئلتهُ التي لم اجبْ على أي منها ،وعاد ليسال من جديد ،غير منتظراً للاجاباتي الاولى .. وكأنه يلاحقُ الوقت ليعرف هل أنا مازلت وحيدة ؟

- لم تجيبي ؟

- لم تعطيني الوقت الكافي للاجابة ..

- لايهم .. تعالي لنجلس قليلاً ..وقتها اريدُ رداً لكل سؤال ساسالهُ لكِ .

- وبقيت أصيخ السمع لتوقفاتهِ وجزمهِ لموضوعٍ يبديه وينهيهِ لوحده ..

- اجاب ضاحكاً

- هل تشعرين بقلقي ..؟لااعرف ما بي ، حين رايتكِ ، فقدت زمام نفسي .. لا اعرفُ مابي ... ! هل هو الشوق ؟هل هو .؟............... دعكِ ..! لااعرف ... حين سنجلس ..........

- .ولم يكمل حديثه ...فتح باب الكافتريا متنحياً جانبا لأدخل .. لم ينتظرْ النادل ليسحب الكرسي ،بل سحبهُ لي لأجلس

- وتركَ النادل يسحبُ له الكرسي ليجلس هو.

- اول مرة يترك سلسلة مفاتيحهِ على المائدة .

- قال هل مازلت مشدودة الاعصاب مثلي ؟

- مشيراً للنادل دون ان ياخذ رأيي بما سوف اطلبهُ

- فنجانين قهوة .. ملتفتا لي كيف تحبين إرتشافها ..لم ينتظر ردي.. قال للنادل وهو غارقاً بدوامة أجهل كنهها .. لها مضبوطة ولي بحليب .. حاول ان يكون طبيعياً وحريصاً ليتجنب أسئلتي له

- اردف قائلا : كم عمرك الان ؟

- قلت بإستغراب .. هل نسيت ؟

- لاجواب منه ، سوى انه أطال التحديق بي .

- قال بقنوط :وجودك الان معي زال عني جبالاً من الوحدة .. وسأعتبر ان كل ما يحدث في الماضي.

- لاعليك جيرني في صفحاتِ الماضي .. وما الفرق ؟

- الكلام في حالة المضارع فيه الم لي ، إنسي كل الكلام .

- دعيني اشتت الموضوع ، سأنافقك ، صمت للحظات وغير حديثه .. ما زلت تلك المرأة الإستثنائية ، وأسترسل بهمسه قائلا : حين كنت اخلد لنفسي أصفك بالملقن ،الذي يلقن الممثلين في المسرحيات ، ولكن بنظر الجمهور انت شبح ، يختبيء وراء صندوقهِ ، لا وجود لك مع انك روح المسرحية، أو أنت كعمال المطبعة ، طبعوا الاف الكتب دون أن يكتب احد الكتاب إسمائهم في إي إهداء ، هذا قدرك .. لاشيء بنظر الاخرين .

- صدقت ، وكذلك في روح الاشخاص الذين يعبرون على جثتي ينسوني حين تنتهي المسرحية .

- أتريدين ان تكوني تافهة ومشهورة ؟

- لا احتاج للشهرة

- لانك فوق مستوى الاشياء العظيمة

- دعيني أبروز لك الصورة

- أنت فعلا رغم أنف الزمان إمرأة إشتثنائيه ومثالية الى أبعد نقطة في ضمير العالم

- إستثنائية، إستثنائية .. دائماً أُمجد بها من قبل الرجل ولأني أقرأ ما خلف عينيه اهرب، وأترك المكان رغم إني بحاجة لإثبات ذاتي ، بت أكره نفسي ، حين ينطقها أحدهم .. وأنزوي بغرفتي وأُشَرع أبواب دولابي .. انظر لنفسي بالمرآة ،لأرى من أكون ؟ وكيف استثنيت من هذا العالم ؟

هل بأفكاري ؟ .. أو إني لست كبنات جيلي ، متحفظة أحياناً ، التزم بما تعلمته من عائلتي او أن أكون متحضرة وراقية وماذا ؟ ما الذي حصلت عليه ..؟

لاشيء ..! أرسم وجهي بأناملي في المرآة ، وأغلق أبواب دولابي ، لأشطب اخر صورة لي بصفتي الوجه الأخير الذي يحدّق بها ، وأأخذ علكة في فمي ،وأقول حين أمضغها ..ها أنا أحاول مضغ أحلامي ، وحين أنهض في الصباح ،ادخل الحمام لأتغوطها .

هذه أنا.. المرأة الإستثنائية ؟

- ضحك بامتعاض ، قائلا : ان البكاء لدي ، سرُ غنائي

- تواسيني !

- نعم

- ربما نفسي أيضاً ..

- لاني مستمر بالتغوط ، للأسف، الأشياء الجميلة لانحصل عليها ، ألا في ساعات متاخرة من الليل، لنحلم بها ، وحين يغدَف الليلُ ستوره، نصافح أحدنا الآخر ونتوادع .

- وجاءنا النادل بالقهوة التي لم اطلبها.

 

من المجموعة القصصية – الحب رحيل

 

أضيفت في 24/03/2010/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية