أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 04/09/2022

الكاتب الكبير: محمد الماغوط / 1934-2006

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

ولد عام 1934 في مدينة سلمية التابعة لمحافظة حماه السورية

- يعتبر محمد الماغوط أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي.

- زوجته الشاعرة الراحلة سنية صالح، ولهما بنتان "شام" وتعمل طبيبة، و"سلافة" متخرجة من كلية الفنون الجميلة بدمشق.

- الأديب الكبير محمد الماغوط واحد من الكبار الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه صحيفة «تشرين» السورية

في نشأتها وصدورها وتطورها، حين تناوب مع الكاتب القاص زكريا تامر على كتابة زاوية يومية ، تعادل في مواقفها صحيفة كاملة في عام 1975 وما بعد، وكذلك الحال حين انتقل ليكتب «أليس في بلاد العجائب» في مجلة«المستقبل» الأسبوعية، وكانت بشهادة المرحوم نبيل خوري (رئيس التحرير) جواز مرور، ممهوراً بكل البيانات الصادقة والأختام الى القارئ العربي، ولاسيما السوري، لما كان لها من دور كبير في انتشار «المستقبل» على نحو بارز وشائع في سورية.

 

أهم مؤلفات محمد الماغوط

1- حزن في ضوء القمر - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1959 )

2- غرفة بملايين الجدران - شعر  (دار مجلة شعر - بيروت 1960)

3- العصفور الأحدب - مسرحية 1960 (لم تمثل على المسرح)

4- المهرج - مسرحية ( مُثلت على المسرح 1960 ، طُبعت عام 1998 من قبل دار المدى - دمشق )

5- الفرح ليس مهنتي - شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1970)

6- ضيعة تشرين - مسرحية ( لم تطبع - مُثلت على المسرح 1973-1974)

7- شقائق النعمان - مسرحية

8- الأرجوحة - رواية 1974 (نشرت عام 1974 - 1991 عن دار رياض الريس للنشر)

9- غربة - مسرحية (لم تُطبع - مُثلت على المسرح 1976 )

10- كاسك يا وطن - مسرحية (لم تطبع - مُثلت على المسرح 1979)

11- خارج السرب - مسرحية ( دار المدى - دمشق 1999 ، مُثلت على المسرح بإخراج الفنان جهاد سعد)

12- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني ( من إنتاج التلفزيون السوري )

13- وين الغلط - مسلسل تلفزيوني (إنتاج التلفزيون السوري )

14- وادي المسك - مسلسل تلفزيوني

15- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني

16- الحدود - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام )

17- التقرير - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام)

18- سأخون وطني - مجموعة مقالات ( 1987- أعادت طباعتها دار المدى بدمشق 2001 )

19- سياف الزهور - نصوص ( دار المدى بدمشق 2001)

أعماله الكاملة طبعتها دار العودة في لبنان.

 

- أعادت طباعة أعماله دار المدى في دمشق عام 1998 في كتاب واحد بعنوان (أعمال محمد الماغوط ) تضمن:

(المجموعات الشعرية: حزن في ضوء القمر، غرفة بملايين الجدران، الفرح ليس مهنتي. مسرحيتا: العصفور الأحدب، المهرج. رواية: الأرجوحة)

- تُرجمت دواوينه ومختارات له ونُشرت في عواصم عالمية عديدة إضافة إلى دراسات نقدية وأطروحات جامعية حول شعره ومسرحه.

توفي في 03/04/2006

 

محمد الماغوط.. السخرية هي ذروة الألم...

 

ذات يوم شتائي بارد ولد محمد الماغوط في مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة السورية في شباط 1934 وكسائر فقراء ذلك الزمان الذين لم تسعفهم الحال للتحصيل العلمي، لذا كانت طفولته على قدر من البؤس والحرمان الذي تمرَّد عليه لاحقاً في القراءة وفي البحث عن أداته لمواجهة الظلم، وربما عثوره على تلك الأداة التي هي الكلمة فتحت أمامه درباً زرع على جنباتها شجرة الباسق، شعراً ومسرحاً وكانت تلك الكلمة كما تقول زوجته سنيّة صالح هي بمقدار ما تكون في الحلم طريقاً نحو الحرية، نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، وهكذا عرف الماغوط مبكراً السجون، وخلف قضبانها بدأ يصوغ نصَّه بمفرده جعلته واحداً من كبار شعراء الحداثة، وكتاب المسرح في عالمنا العربي.

 

هذا الرجل النسر العتيق الذي جمع حطام الأيام وأقام عزلته خلف جدار مليء بالصور والذكريات، تقرأ على مائدته سيرة شاعر مسكون بالتمرد هذا الرجل الذي يمنحه صوت فيروز أملاً جديداً، لكي تعرفه أكثر سل عنه رفيقة عمره آخر النساء في خيمة حزنه زوجته سنية التي تقول إنه ولد في غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط، ومنذ مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر" وهو يحاول إيجاد بعض الكوى أو توسيع ما بين قضبان النوافذ، ليرى العالم ويتنسم بعض الحرية وذروة هذه المأساة هي في إصراره على تغيير هذا الواقع وحيداً، ولا يملك من أسلحة التغيير إلا الشعر، فبمقدار ما تكون الكلمة في الحلم طريقاً إلى الحرية نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، ولأنها - أي الكلمة - كانت دائماً إحدى أبرز ضحايا الاضطرابات السياسية في الوطن العربي، فقد كان هذا الشاعر يرتعد هلعاً إثر كل انقلاب مرّ على الوطن، وفي إحدى هذه الانقلابات خرجت أبحث عنه كان في ضائقة وقد تجره تلك الضائقة إلى السجن أو إلى ما هو أمرّ منه، وساعدني انتقاله إلى غرفة جديدة في إخفائه عن الأنظار. غرفة صغيرة ذات سقف واطئ حشرت حشراً في إحدى المباني بحيث كان على من يعبر عتبتها أن ينحني.. ينحني وكأنه يعبر بوابة ذلك الزمان.

"ضع منديلك الأبيض على الرصيف

واجلس إلى جانبي تحت ضَوْء المطر الحنون

لأبوح لك بسرّ خطير

اصرف أدلاءك ومرشديك

وألق إلى الوحل أو إلى النار بكل ما كتبت من حواشي وانطباعات

إن أي فلاّح عجوز

يروي لك في بيتين من العتابا كل تاريخ الشرق

وهو يدرّج لفَّافَته أمام خيمته

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف ولكنني أحب الرصيف أكثر،

أحب الغابات والمروج اللانهائية ولكنني أحب الخريف أكثر،

أحب الشهيق والزفير ورياضة الصباح

 ولكنني أحب السعال والدخان أكثر".

 

ندم الكتابة

ويعترف الماغوط في برنامج روافد الذي بثته "العربية" أنه لم يندم قط على أي كلمة كتبها، وأن أكثر اللحظات التي شعر بها في الندم في أيام الطفولة مثل أن سرقة "مشمش من البساتين..نسرق دجاج بالنهار.. نسرق دراجات لنركب عليها".

ويعترف كذلك الماغوط للإعلامي "أحمد علي الزين" بابتعاده عن جدلية النصر والهزيمة "القضية لا تكمن عندي في النصر أو الهزيمة، فأنا لا أجيد شيئا سوى الكتابة، أما نتائج المعركة فلست أهتم لها.. لست رجل خطط، ولا اعرف كيف أخطط لشيء ولذلك كنت أفشل عسكري".

ويرى الماغوط أن الكتابة الساخر هي "ذروة الألم" وأن الإنسان الذي يكون جديا على طول الخط هو بالضرورة " إنسان مريض".

"طفولتي بعيدة..

وكهولتي بعيدة..

وطني بعيد.. ومنفاي بعيد..

أيها السائح أعطني منظارك المقرِّب

علَّني ألمح يداً أو محرمةً في هذا الكون تُوْمِئُ إليَّ

 صوِّرني وأنا أبكي وأنا أقعي بأسمالي أمام عتبة الفندق

وأكتب على قفا الصورة هذا شاعرٌ من الشرق".

 

عاشق القضايا الخاسرة

في شبابه ذهب الماغوط إلى دمشق لدراسة الزراعة ولكن انسحب من هذا الاختصاص رغم تفوقه??? مؤكدا أن اختصاصه هو"الحشرات البشرية" وليس الحشرات الزراعية، وفي هذا الصدد يقول "كان عندي إحساس بأن هناك ثمة غلط تاريخي ينبغي إصلاحه بين البشر ولذلك أنا مع القضايا الخاسرة حتى الموت".

وعند ولوجه سجن المزة بدمشق عام 1955 على خلفية انتمائه السياسي لم يجد الماغوط سوى لفائف السجائر ليكتب عليها مذكراته، واخرجها معه داخل ملابسه الداخلية بعد قبل أن يذهب إلى بيروت؟، حيث وجد نفسه وحيدا وغريبا، كما تقول زوجته الشاعرة الراحلة، وعندما قدمه أدونيس في إحدى اجتماعات مجلة شعر المكتظة بالوافدين، وقرأ له بعض نتاجه الجديد الغريب بصوت رخيم دون أن يُعلن عن اسمه، وترك المستمعين يتخبطون من هذا؟ هل هذا الشعر لبودلير أم لرامبو، ولكن أدونيس لم يلبث أن أشار إلى شاب مجهول غير أنيق أشعث الشعر وقال: والشاعر. لاشك أن تلك المفاجأة قد أدهشتهم، وانقلب فضولهم إلى تمتمات خفيفة. أما هو كنت أراقبه بصمت والكلام لزوجته، فقد ارتبك واشتد لمعان عينيه بلغة هذه التفاصيل، وفي هذا الضوء الشخصي نقرأ غربة محمد الماغوط، ومع الأيام لم يخرج من عزلته بل غيّر موقعها من عزلة الغريب إلى عزلة الرافض.

" المرأة التي أحلم بها

لا تأكل ولا تشرب ولا تنام

إنها ترتعش فقط

ترتمي بين ذراعيّ وتستقيم

كسيف في آخر اهتزازه".

 

آخر صورة للبدوي الأحمر في دبي 

 

محمد الماغوط: آه .. يا وطن الأسلاك الشائكة والحدود المغلقة.. والشوارع المقفرة والستائر المسدلة 

28/03/2006 

 

بقلم: جهاد فاضل

لا تغيب صورة الشاعر محمد الماغوط، وهو يجلس على كرسيه النقال في مدينة دبي، عن ذاكرتي، وبخاصة صورته وهو يجلس على المنبر الى جوار الفائزين مثلا بجوائز سلطان العويس، وصورته الثانية وهو يجلس في غرفته بالفندق.

في الصورة الاولى يحضر الماغوط على كرسيه النقال الى مبنى الجائزة وسط دبي، مع ابن شقيقته محمد الذي يقود الكرسي بنفسه، كما يشرف على امور خاله الصحية لأنه - كما عرف عنه (الماغوط) - طبيب يصعد الماغوط الى المنبر ليجلس على اول كرسي لجهة اليمين (حيث كرسيه النقال بقربه مباشرة) ويجلس الى جانبه الفائزون الاربعة الباقون: ثروت عكاشة من مصر، ومحمد مفتاح من المغرب، وعز الدين المدني من تونس وانطوان زحلان من فلسطين. الجلسة مخصصة لكي يلقي كل من الفائزين الخمسة كلمة تتصل بتجربته وما يريد ان يقوله حول اي امر يشاء.

يبدأ المتحدث الاول عز الدين المدني بالكلام، ليبدأ الماغوط بالتدخين، او لنقل ان الماغوط بدأ يدخن عندما جلس على كرسيه على المنبر. سيجارة اولى ثم سيجارة ثانية. فجأة يطلب من ابن اخته محمد ان يأتي اليه. ينزله محمد من المنبر يساعده كي يستقر على كرسيه النقال ويخرج به من القاعة، على الارجح، او على التأكيد، الى الحمام لقضاء حاجة. من جديد يعود الماغوط ويصعد الى المنبر ويأخذ مكانه. يتابع التدخين ويتابع الفائزون الآخرون رواية تجاربهم ونظارات الماغوط السميكة اللماعة تجول في سماء القاعة. تحدث الجميع الا الماغوط. بدا على عريف الحفل ان لديه تعليمات بتجاوز الماغوط المتعب والمريض وشبه المقعد. لم يعطه الكلام وبدا ان الحفل سينتهي او سينتقل الجميع الى نشاط آخر. فجأة يتحرك الماغوط في مقعده وسط دخان سيجارته ويطلب من 'محمد' ان يعطيه 'الورقة'. اعطاه محمد الورقة، فقرأ الماغوط كلمات جاهزة معدة ليلقيها في الحفل هي التالية:

من يدعوني لافتتاح اي معرض منتظر كمن يدعو الخريف لافتتاح معرض زهور

ومهما كتبت وابدعت في اي مجال

اظل ضيفا عابرا على هذا الوطن الخالد والمفدى

فإلى الوطن الذي ينتظرني

والى المحكمين الذين لا اعرف عنهم اكثر مما اعرف عن مواقع الغيوم

واتجاهاتها دون نظارتي الطبية كل ما املك عدا عكازي وحزني

من قبل قلت: آه لو يتم تبادل الاوطان كالراقصات في الملهى والآن اقول: آه لو يتم تبادل الاسرى مع اوطانهم في كل حرب، لأنني منذ الطفولة وحتى الآن: كلما تحركت ستارة، سترت اوراقي بيدي كبغي ساعة المداهمة!

أول صورة

انجز الماغوط قراءة ورقته فصفقنا. وتابع الحفل اعماله وتحدث آخرون من جديد. ولكن الماغوط ما ان انهى كلماته حتى طلب من محمد ان يأتي اليه. نزل من كرسيه التي على المنبر ليستقل كرسيه النقال وليغادر معها ومع 'محمد' الى الغرفة رقم 130 في فندق البستان ووتانا في دبي، في حين تابع زملاؤه الكلام.

هذه اول صورة للماغوط في دبي.

 

صورته الثانية التي لا تغادر مخيلتي في مجلسه في غرفته بالفندق. الماغوط يجلس الى حافة تخته بما يتيسر من لباس بسيط يتدثر به. يجلس ولا يجلس، فهو يتكئ على مساند او مخدات على الفراش وامامه كأسه التي لا تنضب، وفي فمه، او في يده، سيجارة لا تنطفئ، تماما كالكأس التي لا تعرف الامتلاء كما لا تعرف الفراغ. الكأس الملأى تزعج الماغوط فيظل يتعامل معها حتى تفرغ، فإذا فرغت عاد ليملأها من جديد، وهكذا الى ما لا نهاية تماما كسيزيف في الاسطورة اليونانية: يصعد سيزيف ومعه الصخرة السوداء الى اعلى الجبل المسنن فلا تستقر الصخرة بل تتدحرج الى القاع، يلحق سيزيف بها ليصعد معها من جديد، وهكذا حتى انتهاء الدهر، تنفيذا لعقوبة إلهية، في حين ان احدا لا يعرف لماذا يطارد الماغوط كأسه: لا يطيقها وهي ملأى ولا يطيقها وهي فارغة. ويظل هكذا حتى يستولي الكرى على عينيه المتعبتين اللتين اكلتهما الحروف والاوراق.

 

في الوقت نفسه تقبض اصابع الماغوط بلا ملل على سيجارة يظل يمجها حتى لا يبقى فيها الا مليمات قليلة، يرميها على الارض ويدوسها بحذائه او بمشايته، اعقاب السجائر تنتشر على الارض، او على السجادة، لا فرق، كما تشاهد ايضا في منفضة بقربه.

 

على وشك المغادرة

وفي الصورتين يبدو الماغوط بجسده الممتلئ، المترهل، وبوجهه الاكثر امتلاء، وكأنه على وشك المغادرة. الى اين؟ الى حيث ترقد 'سنية' زوجته الشاعرة الفاضلة التي تحملته بصبر القديسين قبل ان ترحل وتتركه بعهدة ابنتيه.

وجه ممتلئ، وعينان شاردتان، ونظارتان سميكتان تلمعان من بعيد وتدلان على انهما من اهل الدرجة العالية في ضعف النظر، يخلد الماغوط الى الشراب والى جواره صحافيون يسألونه عن 'التجاوز' و'التخطي'، وكيف عمل على قصيدته، وطورها. كيف اشتغلت على قصيدتك؟ وكيف طورتها؟ وكيف فهمت الحداثة؟

الماغوط يكتفي بتأمل الاسئلة التي تطرح عليه ولا يجيب هو لا يفهم مثل هذه الاسئلة، لم يتجاوز ولم يتخط، ولم يشتغل على تطوير قصيدته، وانما كتبها بدون افتعال، وكما تداعت الى ذهنه، لا يفهم الصحافيون مثل هذه الاجوبة، فقد تعودوا على اسئلة ادونيس وعلى اجوبته في آن. هو لا يطيق ادونيس ولا يحبه ولا يحب بالطبع لا اسئلته ولا اجوبته، ولو ان الماغوط اتبع ادونيس في هذه الاسئلة والاجوبة، لما كان ذلك الشاعر الذي احبه الناس واقبلوا على قراءة شعره ومشاهدة مسرحياته بشغف، بل لكان مجرد شاعر قصيدة نثر ينتقل من ديوان فاشل الى ديوان اكثر فشلا.

الماغوط شاعر متواضع، بسيط، الكلام الذي في قلبه يقوله، لا يعرف النقية، ولا المسايرة، ولا المجاملة، ولا يعرف التمثيل الذي يتقنه غيره يروي بسخرية وقائع ليلة نام فيها في 'البانيو' في منزل يوسف الخال، صاحب مجلة شعر في بيروت وبسخرية ايضا يروي اخبارا عن علاقته بصعلوك آخر، متشرد دائم مثله، هو بدر شاكر السياب الذي تعرف عليه في بيروت.

ثلاث مدن، يقول لك عرفها وعاش فيها واحبها هي السلمية التي ولد فيها وبيروت والشام.

 

لا يكره النقد ولكنه يكره التجني

لا يوافق على انه يقيم على ضفاف الخطر، فهو يقول انه يقيم في عين الخطر ولكن الحكام في بلاده يتحاشونه لانه نزيه ونظيف قال ان الرئيس حافظ الاسد قال له مرة: 'انت قاس وجارح، ولكنك نظيف'، كما اخبرنا ان زوجة الرئيس حافظ كانت ايضا معجبة بشعره ومسرحياته.

وقال انه لم يكتب يوما لا شعرا موزونا على اسلوب الخليل بن احمد ولا شعرا تفعيليا على اسلوب الشعر العربي الحديث الذي ساد في الخمسينات وكان من شعرائه السياب والبياتي ونازك الملائكة.

وهو لفرط بساطته لا ينعت الشعر المنثور الذي يكتبه بانه شعر بل يقول: نصوص وفي الديوان الاخير الذي صدر له عن دار المدى في دمشق واسمه 'البدوي الاحمر' وقد اهداني نسخة منه في دبي ورد تحت 'البدوي الاحمر' عبارة: (نصوص جديدة) لا غير في حين ان سواه من شعراء قصيدة النثر كانوا يكتبون وبالحرف الكبير: شعر ولكن وسط شكوك كثيرة في حين ان ما يكتبه الماغوط من نصوص تتضمن احيانا شعرا، وتتضمن احيانا اخرى نثرا، وهذا ما لا يزعج الماغوط ابدا، فهو يقول قصيدته ويمشي، تماما كما كان امين الريحاني يقول كلمته.

 

شاعر متمرد ثائر

في ديوانه الجديد 'البدوي الاحمر' تقول فاطمة النظامي:

جابه الماغوط الجلادين والطغاة بصدره العاري صارخا كمؤذن مجرح الصوت: لا للسلفية، لا للتابو، لا للنفاق لا للبؤس، لا لذلة الحاجة والفقر، لا للركوع والاذعان، لا لترنح الاجساد على اعواد المشانق، لا لتذويب الاجساد بالأسيد، لا لعلب الليل، لا لعمالة الطفولة، لا للعبث بالارض والطبيعة، لا لتحويل البحار والانهار الى مكب للنفايات، لا لمصادرة حريات الشعوب، لا لعصر الجواري والسبايا والدماء، لا لكنس الشوارب وشطف الدماء كل يوم في المعتقلات.

على ان ما انتهى اليه الماغوط كشاعر متمرد ثائر، بدأ به في الواقع فمنذ اول ظهور لقصيدته عام 1959، اعلن الماغوط عن نفسه كشاعر متمرد، الا اننا ومن خلال سيرته الذاتية، نحتار في تصنيفه الابداعي بين شاعر متمرد، ومسرحي سياسي يحرض على الرفض، وسينمائي من نوع آخر.

وعلى الرغم من تأثير قريته 'السلمية' التي ولد فيها في شعره وفي حياته، لكنه ايضا كان ابن دمشق وشاعر أرصفتها، وصعلوك شوارع، وهو اشكالي في العلاقة التي تربطه بالمدينة، وبالتفاصيل الدقيقة التي مازال يذكرها بكل دقة، بما في ذلك الحصى التي تتناثر بين قدميه، بل كل ما يمكن ان يدون في الصالحية حتى الحميدية، ومن الغوطة حتى باب توما، وهو لا يملك الا القصيدة يدخل بها ابواب دمشق، ويحتضن بها عيون الصغار، ويغازل عيون جميلات باب توما.

 

انتصار للحرية

وهو يمتلك، شأنه شأن الشعراء الكبار، ظرفه الخاص وحركته الخاصة التي قد تكون على الضد من عقارب الساعة لانه هو الماغوط الذي يعلن انه سيخون وطنه، ويثير الشبهات حوله، وتتربص به عيون الدولة، لمحاولة الكشف عن الجهة التي سيخون وطنه لمصلحتها، ولكن اي وطن هو ذلك الذي سيخونه الماغوط علنا وبفخر وبسبق الاصرار والترصد؟ للمرة الأولى تفشل عيون الدولة وتجد ان ما كتبه الماغوط لا علاقة له بالخيانة العظمى ولا الصغرى، انما هو وثيقة مفجعة للتردي العربي الذي نلمسه ايضا في مسرحياته. وهو بهذا الكتاب الاسود الجميل الممتع المؤلم الساخر المرح: 'سأخون وطني'، انما يحاكم به الذين خانوا الوطن بعلمهم او يجهلهم، وهو ينتصر به للحرية، حرية الانسان التي لا مدى لها:

'هل يمكن يا حبيبي ان يقتلني العرب اذا عرفوا في يوم من الايام انني لا احب الا الشعر والموسيقى، ولا اتأمل الا القمر والغيوم النهارية في كل اتجاه؟ او انني كلما استمعت الى السيمفونية التاسعة لبتهوفن، اخرج حافيا الى الطرقات واعانق المارة ودموع الفرح تفيض من عيني'.

ظهر الماغوط للمرة الأولى في بيروت، زمن الستينات، قرويا. وقد غطت سمعته واسمه كل ساحات الشعر والادب. وعاد الى دمشق قرويا ايضا، لكن بامتياز الشعر، شاعر يقاتل باكثر من سلاح ابداعي كل اشكال الظلم، يوظف سلاح الشعر في زمن العولمة والعقول الالكترونية والفيزياء النووية والاسلحة الجرثومية وغير الجرثومية.

 

تجربة لا تتجزأ

الواقع ان تجربة الماغوط لا تتجزأ، ووعيه برسالته يمتد من ديوانه الأول حتى كلمته الأخيرة عبر كل ما كتب وانتج، لذا نراه يغزو المسرح بمسرحياته، وتغزو مسرحياته كل خشبات المسرح في العالم وصولا حتى الى الولايات المتحدة.

وهو يؤرق كل من يحاول ان يكتب عنه، هو صوفي تارة، وسيريالي تارة أخرى، ثائر، ساخر، عاشق، صامد، وطني، خائن بمفهومه، ساخط، شخصياته كاريكاتيرية، يكتب بلغة متفجرة، وهو باستمرار ذلك القروي الفطري الذي لم يكمل تعليمه المدرسي ليتعلم في سجن المزة وسجون أخرى لاحقا، ومن التسكع في حواري دمشق وبيروت، ومنافي أخرى ليشكل تجربة فريدة امتدت من النصف الثاني من القرن العشرين.

 

أين أجدادي؟

في احد (نصوصه) يتساءل الماغوط: 'اذا كانت مستشفياتنا جيدة فلماذا يستشفي وزير الصحة في الخارج؟' وهذا النص ان لم يكن شعرا، وهو ليس شعرا بالطبع، فإن منزلته لا تقل عن منزلة الشعر.

ومن قبيل ذلك هذا النص من ديوانه سياف الزهور:

آه يا وطن الأسلاك الشائكة والحدود المغلقة

والشوارع المقفرة

والستائر المسدلة

والنوافذ المطفأة

اما من حل وسط بين الكلمة والسيف

بين بلاط الشارع وبلاط السجن

سوى بلاط القبر؟

أيتها الأمة الكذوبة

أين اجدادي الصناديد الكماة

وما الذي يؤخرهم؟

اشارات المرور؟

نماذج من أعمال الكاتب

تبغ وشوارع

الوشم

آخر صورة للبدوي الأحمر

 السخرية هي ذروة الألم

حزن في ضوء القمر

وطني

 رجل على الرصيف

 

 

الوشم

  

الآن

في الساعة الثالثة من القرن العشرين

حيث لا شيء

يفصل جثثَ الموتى عن أحذيةِ الماره

سوى الاسفلت

سأتكئ في عرضِ الشارع كشيوخ البدو

ولن أنهض

حتى تجمع كل قضبان السجون وإضبارات المشبوهين

في العالم

وتوضع أمامي

لألوكها كالجمل على قارعة الطريق..

حتى تفرَّ كلُّ هراواتِ الشرطة والمتظاهرين

من قبضات أصحابها

وتعود أغصاناً مزهرة (مرةً أخرى)

في غاباتها

أضحك في الظلام 

أبكي في الظلام 

أكتبُ في الظلام

حتى لم أعدْ أميّز قلمي من أصابعي

كلما قُرعَ بابٌ أو تحرَّكتْ ستاره

سترتُ أوراقي بيدي 

كبغيٍّ ساعةَ المداهمه

من أورثني هذا الهلع

هذا الدم المذعور كالفهد الجبليّ

ما ان أرى ورقةً رسميةً على عتبه

أو قبعةً من فرجة باب

حتى تصطكّ عظامي ودموعي ببعضها

ويفرّ دمي مذعوراً في كل اتجاه 

كأن مفرزةً أبديةً من شرطة السلالات 

تطارده من شريان إلى شريان

آه يا حبيبتي

عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي

المأساة ليست هنا

في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار

إنها هناك 

في المهد.. في الرَّحم 

فأنا قطعاً

ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّه

بل بحبل مشنقة

 

 

رجل على الرصيف

 

   

نُصفُهُ نجوم

ونصفه الآخرُ بقايا وأشجارٌ عاريه

ذلك الشاعرُ المنكفيءُ على نفسه كخيطٍ من الوحل

وراء كل نافذه

شاعرٌ يبكي ، وفتاةٌ ترتعش ،

قلبي يا حبيبةٌ ، فراشةٌ ذهبيه ،

تحوِّم كئيبة أمام نهديك الصغيرين .

***

كنتِ يتيمةً وذات جسدٍ فوَّار

ولأهدابك الصافيةِ ، رائحةُ البنفسجِ البرّي

عندما أرنو إلى عينيك الجميلتين ،

أحلم بالغروب بين الجبال ،

والزوارقِ الراحلةِ عند المساء ،

أشعرُ أن كل كلمات العالم ، طوعَ بناني .

***

فهنا على الكراسي العتيقه

ذاتِ الصرير الجريح ،

حيث يلتقي المطر والحب ، والعيون العسليه

كان فمك الصغير ،

يضطرب على شفتي كقطراتِ العطر

فترتسمُ الدموعُ في عيني

وأشعر بأنني أتصاعد كرائحة الغابات الوحشيه

كهدير الأقدام الحافيةِ في يوم قائظ .

***

لقد كنتِ لي وطناً وحانه

وحزناً طفيفاً ، يرافقني منذ الطفوله

يومَ كان شعرك الغجري

يهيمُ في غرفتي كسحابه ..

كالصباح الذاهب إلى الحقول .

فاذهبي بعيداً يا حلقاتِ الدخان

واخفقْ يا قلبي الجريح بكثره ..

ففي حنجرتي اليوم بلبلٌ أحمرُ يودُّ الغناء

أيها الشارع الذي أعرفه ثدياً ثدياً ، وغيمة غيمه

يا أشجار الأكاسيا البيضاء

ليتني مطرٌ ذهبي

يتساقط على كل رصيفٍ وقبضةِ سوط

أو نسيمٌ مقبلٌ من غابة بعيده

لألملم عطر حبيبتي المضطجعة على سريرها

كطير استوائي حنون

ليتني أستطيع التجول

في حارات أكثرَ قذارة وضجه

أن أرتعشَ وحيداً فوق الغيوم .

***

لقد كانت الشمس

أكثر استدارةً ونعومة في الأيام الخوالي

والسماء الزرقاء 

تتسلل من النوافذ والكوى العتيقه

كشرانقَ من الحرير

يوم كنا نأكل ونضاجعُ ونموتُ بحرية تحت النجوم

يوم كان تاريخنا

دماً وقاراتٍ مفروشه بالجثث والمصاحف .

 

 

وطني 

 

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف

ولكنني أحب الرصيف أكثر

***

أحب النظافة والاستحمام

والعتبات الصقيلة وورق الجدران

ولكني أحب الوحول أكثر.  

***

فأنا أسهر كثيراً يا أبي‏

أنا لا أنام‏

حياتي سواد وعبوديّة وانتظار‏

فأعطني طفولتي‏

وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز‏

وصندلي المعلّق في عريشة العنب‏

لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري

***

المرأة هناك  

شعرها يطول كالعشب

يزهر ويتجعّد

يذوي ويصفرّ

و يرخي بذوره على الكتفين

و يسقط بين يديك كالدمع

***

وطني

***

على هذه الأرصفة الحنونة كأمي

أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويلة

سأنتزع علم بلادي عن ساريته

وأخيط له أكماماً وأزراراً

وأرتديه كالقميص

إذا لم أعرف

في أي خريف تسقط أسمالي

وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن

سأصعد أحد التلال

القريبة من التاريخ

وأقذف سيفي إلى قبضة طارق

ورأسي إلى صدر الخنساء

وقلمي إلى أصابع المتنبي

وأجلس عارياً كالشجرة في الشتاء

حتى أعرف متى تنبت لنا

أهداب جديدة، ودموع جديدة

في الربيع؟

وطني أيها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء

إليك هذه "الصور الفوتوغرافية"

***

لماذا تنكيس الأعلام العربية فوق الدوائر الرسمية ،

و السفارات ، و القنصليات في الخارج ، عند كل مصاب ؟

إنها دائما منكسة !

***

اتفقوا على توحيد الله و تقسيم الأوطان

***

((مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير

أناشدك الله يا أبي:

دع جمع الحطب والمعلومات عني

وتعال لملم حطامي من الشوارع

قبل أن تطمرني الريح

أو يبعثرني الكنّاسون

هذا القلم سيقودني إلى حتفي

لم يترك سجناً إلا وقادني إليه

ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه))

 

 

حزن في ضوء القمر

 

 أيها الربيعُ المقبلُ من عينيها

أيها الكناري المسافرُ في ضوء القمر

خذني إليها

قصيدةَ غرامٍ أو طعنةَ خنجر

فأنا متشرّد وجريح

أحبُّ المطر وأنين الأمواج البعيده

من أعماق النوم أستيقظ

لأفكر بركبة امرأة شهيةٍ رأيتها ذات يوم

لأعاقرَ الخمرة وأقرضَ الشعر

قل لحبيبتي ليلى

ذاتِ الفم السكران والقدمين الحريريتين

أنني مريضٌ ومشتاقٌ إليها

انني ألمح آثار أقدام على قلبي .

دمشقُ يا عربةَ السبايا الورديه

وأنا راقدٌ في غرفتي

أكتبُ وأحلم وأرنو إلى الماره

من قلب السماء العاليه

أسمع وجيب لحمك العاري .

عشرون عاماً ونحن ندقُّ أبوابك الصلده

والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا

ووجوهِنا المختنقةِ بالسعال الجارح

تبدو حزينةً كالوداع صفراءَ كالسلّ

ورياحُ البراري الموحشه

تنقلُ نواحنا

إلى الأزقة وباعةِ الخبزِ والجواسيس  

ونحن نعدو كالخيولِ الوحشية على صفحاتِ التاريخ  

نبكي ونرتجف

وخلف أقدامنا المعقوفه

تمضي الرياحُ والسنابلُ البرتقاليه ...

وافترقنا

وفي عينيكِ الباردتين

تنوح عاصفةٌ من النجوم المهروله

أيتها العشيقةُ المتغضّنة

ذات الجسد المغطَّى بالسعال والجواهر

أنتِ لي

هذا الحنينُ لك يا حقوده !

. .

قبل الرحيل بلحظات

ضاجعتُ امرأة وكتبتُ قصيده  

عن الليل والخريف والأمم المقهوره

وتحت شمس الظهيرة الصفراء

كنت أسندُ رأسي على ضلْفاتِ النوافذ

وأترك الدمعه

تبرق كالصباح كامرأة عاريه

فأنا على علاقة قديمة بالحزن والعبوديه

وقربَ الغيوم الصامتة البعيده  

كانت تلوح لي مئاتُ الصدور العارية القذره

تندفع في نهر من الشوك

وسحابةٌ من العيون الزرقِ الحزينه

تحدقُ بي

بالتاريخ الرابضِ على شفتيّ .

. .

يا نظراتِ الحزن الطويله

يا بقع الدم الصغيرة أفيقي

إنني أراكِ هنا

على البيارقِ المنكَّسه

وفي ثنياتِ الثياب الحريريه

وأنا أسير كالرعد الأشقرِ في الزحام

تحت سمائك الصافيه

أمضي باكياً يا وطني

أين السفنُ المعبأةُ بالتبغ والسيوف

والجاريةُ التي فتحتْ مملكةً بعينيها النجلاوين

كامرأتين دافئتين

كليلة طويلةٍ على صدر أنثى أنت يا وطني

إنني هنا شبحٌ غريبٌ مجهول

تحت أظافري العطريه

يقبعُ مجدك الطاعن في السن

في عيون الأطفال

تسري دقاتُ قلبك الخائر

لن تلتقي عيوننا بعد الآن

لقد أنشدتُكَ ما فيه الكفايه

سأطل عليك كالقرنفلةِ الحمراء البعيده

كالسحابةِ التي لا وطن لها .

. .

وداعاً أيتها الصفحات أيها الليل

أيتها الشبابيكُ الارجوانيه

انصبوا مشنقتي عاليةً عند الغروب

عندما يكون قلبي هادئاً كالحمامه ..

جميلاً كوردةٍ زرقاء على رابيه ،  

أودُّ أن أموتَ ملطخاً

وعيناي مليئتان بالدموع

لترتفعَ إلى الأعناق ولو مرة في العمر

فانني مليء بالحروفِ ، والعناوين الداميه

في طفولتي ،

كنت أحلم بجلبابٍ مخططٍ بالذهب

وجواد ينهب في الكرومَ والتلال الحجريه

أما الآن

وأنا أتسكَّعُ تحت نورِ المصابيح

انتقل كالعواهرِ من شارعٍ إلى شارع  

اشتهي جريمةً واسعه

وسفينةً بيضاء ، تقلّني بين نهديها المالحين ،

إلى بلادٍِ بعيده ،

حيث في كلِّ خطوةٍ حانةٌ وشجرةٌ خضراء ،

وفتاةٌ خلاسيه ،

تسهرُ وحيدةً مع نهدها العطشان .

 

 

تبغ وشوراع

   

شعركِ الذي كان ينبضُ على وسادتي

كشلالٍ من العصافير

يلهو على وساداتٍ غريبه

يخونني يا ليلى

فلن أشتري له الأمشاط المذهبّه بعد الآن

سامحيني أنا فقيرٌ يا جميله

حياتي حبرٌ ومغلفاتٌ وليل بلا نجوم

شبابي باردٌ كالوحل

عتيقٌ كالطفوله

طفولتي يا ليلى .. ألا تذكرينها

كنت مهرجاً ..

أبيع البطالة والتثاؤبَ أمام الدكاكين  

ألعبُ الدّحل

وآكل الخبز في الطريق

وكان أبي ، لا يحبني كثيراً ، يضربني على قفاي كالجارية

ويشتمني في السوق  

وبين المنازل المتسلخةِ كأيدي الفقراء

ككل طفولتي

ضائعاً .. ضائعاً

أشتهي منضدةً وسفينة .. لأستريح

لأبعثر قلبي طعاماً على الورق

. . .

في البساتين الموحله .. كنت أنظمُ الشعر يا ليلى

وبعد الغروب

أهجر بيتي في عيون الصنوبر

يموت .. يشهق بالحبر

وأجلسُ وحيداً مع الليل والسعال الخافت داخل الأكواخ

مع سحابة من النرجس البرّي

تنفض دموعها في سلال العشبِ المتهادية

على النهر

هدية لباعة الكستناء

والعاطلين عن العمل على جسر فكتوريا .

. . .

هذا الجسرُ لم أره من شهورٍ يا ليلى

ولا أنت تنتظرينني كوردةٍ في الهجير

سامحيني .. أنا فقيرٌ وظمآن

أنا إنسانُ تبغٍ وشوارع وأسمال .

 

أضيفت في 03/04/2005/ خاص القصة السورية

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية