أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 03/09/2022

الكاتب: عبد الحفيظ الحافظ

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

كاتب قصة قصيرة من مواليد حمص

عشتُ طفولتي في أسرة لا تعرف القراءة والكتابة، كان والدي عامل نسيج تساعده والدتي المريضة على دولاب يدوي.

تعلمتُ قراءة القرآن الكريم والكتابة والحساب في كتاب (شيخ سعد) في حي (باب السباع)، وذلك قبل دخولي المدرسة الابتدائية، ثم أخذت أقرأ في أمسيات الأسرة الكتيبات الصفراء من "سيرة عنترة" إلى "تغريبة بني هلال" و"ألف ليلة وليلة" و"سيف بن ذي يزن"، وسور من القرآن الكريم في المناسبات الدينية .

عندما ضاقت بنا سبل العيش، انتقلنا إلى حي "الخالدية"، سكنت أسرتي في غرفةٍ في دارٍ واسعةٍ فيها عدة عائلات، تعيش كل منها في غرفة، لذا بدأ ينافسني أطفال الأسر الأخرى في قراءة تلك الكتب، وفي صحن الدار صيفاً تحت شجرة التوت، نستمع إلى سرد حكايات لا تنضب يرويها الكبار من نزلاء الدار، وكم غالبتُ النوم وأنا أستمع إلى تلك الحكايات الشيقة، وهي تخرج من أفواه أناس لا يقرؤون ولا يكتبون، عندما دخلتُ المدرسة الابتدائية أصبحتْ لي مجموعتي الخاصة من الكتب الصفراء، وهي نواة مكتبتي الحالية. كان والدي رحمه الله على الرغم من فقره ومعاناته من مرض والدتي المزمن لا يضنُّ عليَّ بثمن ما أشتريه من كتبٍ، بل كان فخوراً بي، وبدأتُ أشتري كتباً أخرى خارج تلك الكتب، فتعرفت على المنفلوطي والعقاد والرافعي والمازني وتيمور ..، وفي مرحلة الإعدادية تعرفت على توفيق الحكيم وعبد الحليم عبد الله وعبد السلام العجيلي ومراد السباعي ثم نجيب محفوظ، في المرحلة الثانوية أخذتْ تتسلل إلى مكتبتي الكتب المترجمة كالبؤساء وروايات فيكتور هوغو ودروب الحرية لجان بول  سارتر وطاعون ألبير كامو، حتى تأثرت في تلك المرحلة  "بالوجودية"، إلى أن حصلتُ على الثانوية ثم شهادة أهلية التعليم الابتدائي عام 1964، كما تعرفت على الوجودية من خلال الآداب الأوروبية، تعرفت على الماركسية، من خلال الأدب الروسي والأدب الواقعي في إنتاج شعوب الاتحاد السوفيتي .

حياتي الخاصة وزواجي وعملي في المدرسة، لم تفقدني وفائي لقراءة الأدب لاسيما الرواية والقصة القصيرة، وخاصة الأدب الواقعي  بدءاً من أم مكسيم غوركي وأين الله إلى الجريمة والعقاب لدستوفسكي إلى أولاد حارتنا لنجيب محفوظ .

 

إصدارات:

العيد 1999– دار حوران

المنديل الأسود – 1999 دار التنوير

شجرة الأكاسيا – 2001 دار التنوير

مجموعة قصصية - الجدار - مكتبة أسيل حمص 2006

 

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتب

العاصفة

المرياع

الزحف الكبير

الجدار

الحصار

ثورة الشك

من قتل هدى أبو عسلي

 

 

الجدار

 

بلا مقدمات بدأ " حمود " يروي قصة " الجدار " :

تعثرتْ دراستي في المرحلة الثانوية ، فامتهنت " نجارة الباطون " وعندما ضاقت بي الدنيا وسبل العيش ، اشتريت " فيزة حرة " وسافرت إلى " السعودية " .

قضيتُ زهرةَ شبابي فيها ، بين تعثر ونجاح حتى أصبحتُ مقاولاً ، وادخرتُ بعضاً من المال ، فعدتُ إلى بلدي تحت ضغط قلبي الذي خانني .

عشتُ سعيداً بين أفراد أسرتي ، وقد توزع أبنائي على المراحل الدراسية ، فبنيتُ بيتاً جميلاً على رقعة أرضٍ زراعيةٍ ورثتها عن والدي رحمه الله في طرف القرية . أطل بيتي على دربٍ زراعي يفصل بين أراضي القرية والمدينة.

منذ خمسةٍ وعشرين عاماً استملكتْ مؤسسةٌ رسميةٌ الأرضَ المطلة على الجانب الآخر من الطريق الترابي ، وشيدتْ " ضاحيةً " لكنها توقفت عن متابعة البناء والإكساء ، وأخذتْ تبيعُ ما بنته على وضعه الحالي .

أنا لا أنكر أن المؤسسة عبدتِ الطرقَ وأمنتِ المرافق والخدمات لهذا المشروع، وشقت طريقاً طويلاً فوق الدرب القديم، الذي كان يفصل بين القريتين، وإلى الآن يروي الرجال والنساء قصص ذاك الدرب المظلل بأشجار اللوز والمشمش والدراق، إن العشاق كانوا يلجؤون إليه  هرباً من أعين العزال،  ويطارد  الصبية فيه الأرانب والبلابل والعصافير .

بدأت قصة " الجدار " تحيك خيوطها عندما أقامت المؤسسة جداراً واحداً من الجهة الشرقية من المشروع ، ففصلت فيه الضاحية عن أراضي" القرية " وبهذا أصبح بيتي يتيماً خلف ذاك الجدار يرنو بناظريه إلى الشارع المعبد وإلى المدينة، وخلفه أراضٍ زراعية .

عندما وصل حمود إلى هذه النقطة من قصة الجدار ، تذكرت جدار برلين، الذي انتصب وشق المدينة إلى نصفين، وحال دون الانتقال بين شطريها، كان ذاك الجدارُ امتحاناً لعشاق الحرية الذين حاولوا تسلقه والقفز من فوقه ، وسجل مواطنٌ من أصلٍ عربي أول عملية قفزٍ فوق الحاجز عند المعبر على دراجةٍ نارية ، وخلفه عشيقته ، فاحتفل به النصف الغربي من برلين .

هزني حمود بعصبيةٍ ، وصرخ في وجهي :

-أين ذهبت بخيالك ؟. كأنك لست معي ، وأنا أحدثك عن الجدار ثم تابع حديثه :

كمْ عانى أطفالي من السير في الحقول للوصول إلى مدارسهم في المدينة ، والطريق المعبد على مرمى حجرٍ منهم في الجهة الأخرى من الضاحية ، فبدؤوا يتسلقون الجدار .

سنواتٌ مرتْ والأمل يحدونا بتنازل المؤسسة عن المرافق لبلدية المدينة ، وكان العمرُ يمضي ، وأخذت حالات احتشاء قلبي تداهمني ، لقد حلمت أكثر من مرة أنني حصلتُ على موافقة رسمية بحق الارتفاق بالطريق وفتح باب في الجدار .

كما تسلق أطفالي الجدار ، أُسعفتُ إلى المشفى محمولاً على سلمٍ خشبيٍّ تسلق الجدار على أيدي أبنائي وزوجتي . فهل لكل زمان سلطانه ، ولكل سلطان جدار ؟‍ ! . .

تركتُ حمود وجداره وسرت بخيالي فوق سور الصين العظيم الذي امتدَّ أمامي حتى الأفق تقطعه أبراج الحراسة ، وهو جدار كان يحمي الإمبراطورية الكونفوشية من الغزاة .

يا الله كيف طوقتنا الجدران ؟ . حتى أن سجينا خلفها هلل لطنين ذبابةٍ آنست وحشة منفردته .               

عدت إلى حمود فوجدته يتابع قصته :

منذ شهر استعنتُ بالله ، وأنا كما تعرفني أمشي الجدار أقصد الحيط الحيط وأقول يا رب الستر ، سمعتُ أن ميلاً من جانب السلطان عبد الحميد –وهو مهندس في المشروع - صدر عنه بالسماح لي بحق الارتفاق من الطريق وفتح باب في الجدار.

كانت يد حمود ترتجف بكأس الشاي وهو يقص على مسامعي قصة الجدار ، رأيته يرفع عينيه إلى السماء ويتمتم بعباراتٍ غامضةٍ . فتذكرتُ الجدار الذي يشيَّد في فلسطين ويقطِّعُ أوصال الحقول والبيوت ويمنع حركة الأطفال .

فاجأني حمود بتصريحه :

إنني رصدتُ بضعة آلافٍ إكرامية للسلطان عبد الحميد لتكرمه والسماح لي بفتح باب في الجدار ، فعمَّتِ الفرحةَ في بيتي ، لكن الإكرامية المطلوبة يا صاحبي بلغت مئات الآلاف ، فرفضتُ الدفع ، وأصبح فتح الباب ، واختراق جدار السلطان قضيتي .

تركتُ حمود مع جداره ، واستعرضت رواية " الجدار ، " لجان بول سارتر " سجل  سارتر " فيها أحاسيس ومعاناة ثلاثة رجال في ليلتهم الأخيرة قبل تنفيذ حكم الإعدام بهم رمياً بالرصاص على الجدار . عجوز مريض ، شاب عاشق ، وثالث اختبر الحياة وعبّ حلوها ومرها .

سمعت حمود يقول :

دخلت قصة "الجدار" الدوائر الرسمية في المدينة ، بلدية "القرية" المؤسسة ، المحافظة ، الشرطة ، القضاء ، وبالرغم من مهاجمة العاصفة الثلجية للمنطقة ، وسقوط مؤسسات المدينة في امتحانها ، وتوقف الخدمات تحت ضربات العاصفة ، استمرت قضية الجدار بالدوران في الدوائر الرسمية .

أتى السلطان برفقة دورية شرطة ، وبعد مشاجرةٍ بالألسن ذهبنا إلى الشرطة ، فاستغرب الضابط إصرار السلطان على إغلاق الباب ،  وكان العيد على الأبواب ، فاستمهلني إلى ما بعد العيد طالباً مني الحصول على ترخيصٍ رسمي بفتح الباب ، وبقي الباب عيناً مفتوحةً في جدار السلطان .

قاطعتهُ :

-حمداً لله أن البابَ بقي مفتوحاً ، فقد حُلْتْ عقدتُك يا أخي .

-"لا تخطف الكباية من رأس الماعون " .

-بُعَيْدَ العيدِ مباشرةً أتى السلطان بدورية أخرى ، وحاول إغلاق فتحة الباب ، وبعد مشاجرة ارتفعت وتيرتها ، ذهبنا من جديد إلى الشرطة ، فأنذر الضابط السلطان قائلاً :

-لن نتدخل بعد اليومِ إلا بأمرٍ من القضاء. ثم سأل السلطان :

-ماذا يضر الضاحية وفيلاتها فتح باب لهذا المسكين ؟ . لقد أفاد رجالنا أن الضاحية حيٌ سكني ، وأن شوارعَها مشرَّعةٌ من كل الجهات لدخول الناس وخروجهم منها .

بعد بضعة أيام جاء السلطان بدورية جديدة وبورشة عمال،  خلعوا الباب ، سدوا فتحة الجدار ، أعاد العفاف إلى الجدار ، ثم أرسل بعد يومين عماله فكسروا البلاط الذي قمتُ برصفه على الرصيف ، وغرسوا مكانها بضعة شجيراتٍ أمام فتحة الباب وأمام رقعة بيتي ، ونحن في العشرين من شهر شباط ، وما زال الثلج يغطي الأرض بثوب زفافها .

قصة الجدار التي يرويها حمود دفعتني لأسترجع ما سمعته بالأمس من التلفاز في نشرة أخبارية :

-دولة عربية كبيرة تهدد بإقامة جدار يفصلها عن دولة عربية أخرى حرصاً على أمنها الداخلي ، فحدثت نفسي :

-ألا يعيق الجدار المزمع إقامته " إيلافنا رحلة الشتاء والصيف " .

-ألا يمنع الجدار تنقل المواشي والخيول والجمال والذئاب والأرانب والغزلان والثعابين والعقارب لاسيما في أشهر الإخصاب ، ألا يمنع تنقلها في أرض الله الواسعة ، ربما أصبحت هذه الحيوانات مطالبة هي الأخرى أن تقيم أوكارها القطرية ، فعلى الحيوانات أن تدين بدين ملوكها !.

التفتُ إلى حمود خاطبته :

-لمَ لا تلجأ إلى القضاء ؟.

-تقدمت يا سيدي بطلبٍ إلى القضاء بحق الارتفاق من الشارع ، ووكلتُ محامياً ، وتقدمتُ بطلبٍ خطيٍّ إلى السيد المحافظ بذات المضمون ، فأُحيل طلبي إلى المكتب التنفيذي الذي أحاله إلى بلدية القرية ، التي أفادت :

" إن الطريق الذي تمَّ قطعه ببناء الجدار من قبل المؤسسة هو الطريق الوحيد المؤدي إلى منزل المواطن حمود... وحق الارتفاق هو حقٌ قانوني  ".

تنهد حمود ، وضع يده فوق صدره ، جمع ذراعه اليسرى،  تسارع تنفسه ، ازرق لون وجهه ، فاستدعيتُ سيارة إسعاف .

منذ ذاك اليوم وجدار السلطان يقف لي بالمرصاد ، صورته لا تفارقني ، أراه في يقظتي وأحلامي ، تخيلت السلطان عملاقاً يناطح غيوم السماء ، قوياً يحمل الجدار بيديه ، يركض خلفي ليضع الجدار فوق صدري .

كابوس ركبني ، أصبحت أتوسد الخوف والتحف الحذر ، استيقظت رواية  " ذكريات من قبور الموتى " . " لدستوفسكي " من رقادها وبدأت أعيش مع أبطالها المسجونين في تلك القلعة،  ......أحصيت مع أحدهم عدد حجارة الجدار الدائري الذي يطوقها ، بل عدد زوايا الحجارة التي فيه ، أخذتُ أستيقظ من نومي مذعوراً ألوذ بزاوية السرير ، فتلتم أسرتي على صراخي، ولا يجدي معي محاولاتها في التهدئة من روعي .

لكني بدأت أتأبط في الأحلام معولاً  لا يفارقني .

25/2/2004

 

 

 

الزحف الكبير

خاطب الطبيبُ الرجل‏ :

 -تفضّل بالجلوس. لكن الرجل بقي واقفاً يديم النظر إلى الطبيب. أعاد الطبيب دعوته للرجل بالجلوس مشيراً إلى كرسيٍّ بجانب طاولته التي حملت مقطعاً تشريحياً لعين كبيرةٍ .‏

جلس الرجل، ابتسم، سأله الطبيب عن اسمه، عمره، عمله:‏

 -ماذا تشكو يا سيد ماجد؟. لاذ الرجل بالصمت.. نهض الطبيب إلى زاوية العيادة، دعا ماجد إلى الجلوس أمام جهازٍ يستريح هناك، ثبَّت ذقنه على قاعدة الجهاز، وطلب منه أن ينظر إلى الأمام، ثم أطفأ الأنوار. بدّل عدداً من العدسات أمام عيني ماجد، في كل مرةٍ كان يسأله:‏

 

 -أهذا أفضل؟.. هل الرؤيا الآن أوضح؟.‏

كان ماجد يهزُّ رأسه علامة الموافقة عن أسئلة الطبيب. عاد الطبيب إلى طاولته، أضاء العيادة بأنوارٍ لا تُرى مصادُرها. تحدث:‏

 -الحمد لله.. عيناك سليمتان.. عندك مدٌّ في البصر، وهذا كثير الشيوع في مثل سنك.. المسألة تحل بعدسات مقربة، لا تحتاج لها إلا في القراءة والأعمال الدقيقة. قاطعه ماجد :‏

- لا أعاني يا دكتور من هذه الحالة .‏

 -سأله الطبيب:‏

 -ماذا تشكو إذن؟.‏

تردد ماجد في الإجابة، وبعد صمتٍ كاد أن يفجر غضب الطبيب، اقترب منه وهمس :‏

 -إني أرى الآخرين يزحفون على بطونهم.‏

طلب الطبيبُ منه أن يعيد ما قاله وقد أدهشتْه الإجابة :‏

 -أرى الآخرين يزحفون على بطونهم .‏

-من الآخرون؟.‏

- أبناء مدينتنا.. ألا تراهم أنت أيضاً يزحفون على بطونهم. انظر من هذه الشرفة ترى صدق ما أخبرتُك به.‏

نظر الطبيب طويلاً في عيني ماجد.‏

- أ أبناء مدينتنا يزحفون على بطونهم؟. حرك الطبيبُ إحدى أصابعه وأضاف: هكذا يزحفون على بطونهم كالأفاعي.‏

حرك ماجد رأسه علامة الموافقة. لكنهم يزحفون كالديدان يا دكتور وليس كالأفاعي .‏

سأله الطبيب :‏

 -أ رأيتهم بنفسك ؟.‏

- لا .. بعيني هاتين، ووضع أصابعه العشرة على عينيه. ابتسم الطبيب، قلد ماجد، اقترب بوجهه فوق الطاولة، سأله :‏

- هل أنا أجلس على كرسيٍّ خلف الطاولة أم أزحف على بطني؟.‏

 -الآن لا أراك جيداً، ولا أستطيع أن أجزم في الأمر، لكنك زحفتَ على بطنك عندما انتقلتَ إلى تلك الزاوية. نعم كنتَ تزحف على بطنك مثل الآخرين، وحرك إصبعه أمام عيني الطبيب.‏

 -يا سيد ماجد. أتسير على قدميك منتصباً أم تزحف مثل الآخرين؟. ضحك ماجد بملء فمه، ثم همس من جديد :‏

- كلٌ منا لا يرى نفسه كيف يسير من مكان إلى آخر، إلا إذا وقف في غرفة تغطي المرايا جدرانَها كقاعة فرساي، مع أني أرى ظلي يلازمني زاحفاً على بطنه. خاطبه الطبيب بمودة :‏

 -قلتُ لك إن عينيك سليمتان، قاطعه ماجد :‏

- حدثتك عما أراه بهما وهذا ما أشكو منه...‏

نهض الطبيب. طلب من ماجد أن يرافقه. قرع باب عيادة بجوار عيادته. دخلا معاً. تحدث بلغةٍ أجنبية. فهم منها ماجد أنه يشرح للطبيب الآخر ما يعانيه، فشكره بداخله، وخرج طبيب العيون بعد أن حياه مودعاً.‏

تأمل الطبيب ماجد، أدام النظر في وجهه. في عينيه. خرج من خلف الطاولة. جلس أمامه. سأله :‏

- منذ متى ترى سكانَ المدينة يزحفون على بطونهم؟.‏

- منذ بدؤوا الزحف.. أعادَ الطبيبُ السؤال:‏

 -منذ متى رأيتَهم يزحفون. منذ شهر. سنة. سنوات؟.‏

- منذ سنوات طويلة.‏

- منذ صيف عام 1967؟.‏

- لا .. يا دكتور. بدؤوا الزحف قبل الهزيمة.. صرخ الطبيب :‏

-بماذا يضايقك هذا الزحف؟ صرخ ماجد بدوره :‏

 -كيف لا أتضايق من هذا الزحف؟.. أنا أتتبع باهتمام الزيادة السنوية للسكان في المدينة.  ألا ترى الازدحام في المدارس. أمام المخابز. أمام بائعي الفلافل. أمام أبواب السفارات الأجنبية طلباً للعمل والهجرة . هذه الزيادة السكانية المرتفعة تهدد وجود مدينتنا يا دكتور. ثم تابع حديثه :‏

- كنتُ أحتمل هذا المشهد، أغضُ النظر عن هذا المرض، لكن سكان مدينتنا أخذوا ينخرطون في سباقٍ أثناء زحفهم على بطونهم، كأنهم في مضمار جري لسباق الضاحية، والذي يثير غضبي اليوم توقفهم عند إشارات المرور أثناء زحفهم، إنهم يلتزمون بأضوائها. قاطعه الطبيب :‏

- الحمد لله.. إننا أصبحنا نتقيد بإشارات المرور ونحن نزحف على بطوننا. إذن دخلنا العصر أخيراً. تنهد ماجد..‏

 -لقد خُدعتَ يا دكتور كما خُدعتُ أنا من قبل. اعتقدتُ في البدء أنهم يتقيدون بألوان الإشارات الضوئية لكنني اكتشفتُ منذ مدة أنهم يمتطون ظهور بعضهم عند تلك الإشارات.  وما تكاد النساء يشعرن بالرجال فوق ظهورهن حتى ينقلبن على ظهورهن ويرفعن سيقانهن . تأمل معي يا دكتور هذا المنظر. تضيء إشارة المرور الحمراء، فيتوقف الزحف... سيقان مشرعة إلى السماء، الرجال فوق النساء، حركات مريبة من الطرفين وبعد الحادي عشر من أيلول انخرط كلُّ سكان المدينة بهذا الزحف. أنتَ طبيب ومثقّف ولا شك مطلع على أزمة المدينة الاقتصادية والاجتماعية. أضاف الطبيب و- السياسية- لكن ماجد قاطعه بحدة ٍ:‏

 -أنا لم أقل السياسية. قلتُ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية فقط.. اقترب من الطبيب عابراً بنصفه العلوي إلى وجه الطبيب هامساً ومتلفتاً حوله :‏

- كان لمدينتنا جدرانٌ نبتتْ فيها آذانٌ قبل الزحف على البطون. وبعد تفجيرات أيلول زرع بوش عيوناً في السماء لرصد زحفنا الكبير. سأل الطبيب:‏

- أمتزوج يا سيد ماجد؟.‏

- نعم.‏

- ألك أولاد؟.‏

 -ثلاثةٌ بعين العدو.‏

- هل زوجتك جميلةٌ؟.. قبض ماجد بيديه ثياب الطبيب وشده إليه بقوة :‏

- أتعرف زوجتي؟.. ما علاقتك بجمالها؟.. اعتذر الطبيب. فاعتذر ماجد وأصلح ما أفسده في ثيابه.‏

- هي جميلةٌ. بل قل هي الجمال الذي يمشي على الأرض . أحبها... لكنها تملك راصور ساعة في فمها.‏

جلس الطبيب خلف طاولته، أدام النظر في وجه ماجد، سأله فجأةً:‏

- كم يساوي راتبك منذ عقود براتبك هذه الأيام؟.‏

 -ضعف دخلك الآن يا دكتور... قال الطبيب:‏

- يا صديقي... عيناك سليمتان كما حدثني طبيب العيون. أنصحك أن لا تهتم بهؤلاء الزاحفين على بطونهم.. أعتقد أن الزحف على البطون يخصي الرجال ويصيب النساء بالعقم.‏

خرج ماجد من العيادة تغمره السعادة.‏  

 

 

المرياع

 

ثوى قطيع الغنم يجتر في أصيل يوم ربيعي . اقترب خروفٌ من المرياع وخاطبه :

- إني أرى نفسي في الأحلام مرياعاً مثلك يا جدي ... نظر المرياع في وجه الخروف ولاذ بالصمت . سأل الخروف :

- لم لا تقص عليّ يا جدي سيرة حياتك ؟ ..فردّ عليه المرياع :

إنها رحلة العمر الطويلة يا ولدي . رحلةٌ قطعت بها هذه البادية المترامية الأطراف . لمْ تفتني يوماً ولادة فجرٍ ولا غروب شمس ، فأنا أسعد برؤية قطرات الندى وهي تغسل بقايا الليل عن أوراق الزعتر والشيح ، ثم لا تلبث أن تصعد إلى السماء .

أحببتُ هذه الأرض التي شهدت طفولتي وصباي ، عشقت هضابها ووديانها وما أزال أعيش على أعشابها ونباتاتها ، ولي فيها قصص حب وذكرى معارك عند كل غديرٍ ورابية

جلس الخروف على قائمتيه الأماميتين أمام المرياع وقال :

- آه يا جدي كم أنا فخورٌ بكَ، وبشوقٍ لمعرفة قصة حياتك بكل ما فيها من أفراحِ وأحزان ومن انتصارات وهزائم. كيف غدوتَ مرياعاً يهابك القطيع؟!. متى نما قرناك هذان؟! .. إنك لطيفٌ ووديع لكن منظرك بهما واللبدة حول رأسك تبث الخوف في قلوبنا، لقد حدثتني أمي عن شجاعتك ومغامراتك.

دعك من هذا يا ولدي ، فالمديح في الوجه تملق واستجداء ، وما أنا إلا مرياع . نعم مرياع وحسب ، ثم تابع حديثه :

   - تجولت في هذه الأرض الطيبة صغيراً ، قدتُ القطيع كبيراً،  انتصرت على من سوَّلت له نفسه بمنازلتي اعتقاداً منه أن الوهن قد دبَّ بي ، المنصب الذي لا يسعى إليك ولست جديراً به لا تسعَ إليه يا ولدي ، واحفظ عني وصية جدي :

المرياع الذي لا يؤدي حقوق الآخرين ويتمسك بقيادة القطيع أرموا به من فوق صخرة الموت المطلة على وادي " سويحل " .

داهمت المرياع الذكريات الحزينة فصمت ، وتقافزت حملان جذلى من حوله ، وعندما ابتعدت تابع قصته :

تمتعت بلذات الحياة ، مضغت سعيداً أعشاب وأوراق نباتات هذه البادية ، اعتليت مزهواً ظهور النعاج الجميلات ، لكنني سهرت الليالي أحرس القطيع، قد تغفوا عيون الكلاب لكن عيني المرياع يجب أن لا تنام، عليها أن تسامر النجوم وتتعقب الشهب، وتخترق الحجب في الليالي المظلمة وتعتاد الصمت، وتشمَّ رائحة الخطر من مسافات بعيدة .

في تلك الليالي تداهم الذئاب الجائعة القطيع . كنت أحوم حوله مسدداً قرنيَّ لأي وحشٍ يبغي سوءاً بأحد أفراده ، وحين أحسُّ بالخطر أحدث رنيناً بالجرس الذي أحمله وساماً على صدري وكأن عشرات الأجراس تُقرع ، وكم خلَّفت العواصف آثار وحوش لاذت بالفرار .

منذ سنوات بعيدة جنَّت السماء ، تسابقت فيها الرعود والبرق ، هبت عاصفةٌ عاتية ، اقتلعت أوتاد الخيام ، فلاذ القطيع إلى سفح جبلٍ قريب ، واختبأ الراعي تحت جِلال الحمار ، وكان في القطيع كلبان قويان . هاجمتنا الذئاب الضارية فتصدى لها الكلبان ، ووقف المرياع خلفهم ، والحق يقال كان كبشاً شديد الشكيمة والحنكة ، لكنه لمْ يقوَ على الوقوف بوجه العاصفة وغدر الذئاب ، حينئذٍ خرجتُ من بين القطيع ، وقفت أحمي ظهري الكلبين .

شاهدت ذئباً متشحاً بالغدر فكاد الخوف يقتلني ، تماسكت ، نطحته بقرني فهوى يموء كالقطط .

في الصباح أقبل أهل القطيع فوجدوا الذئب مضرجاً بدمائه التي تصبغ قرنيَّ ، في ذاك اليوم تُوجت مرياعاً ، ولم يداهم المقص صوفي حتى اليوم .

لقد اعتدت على الجرس في رقبتي لكني رفضت أن أربط إلى ذيل الحمار ، وامتنعت عن التقاط فتات الخبز التي يرميها الراعي في طريقي ، وكانت نفسي تهفو لقطعة منها ، فتركت وشأني ، أتقدم القطيع نهاراً وأحرسه ليلاً ، أدفع نعجةً تتلكأ في المسير ، وأحث حملاً لا يقوى على الوقوف ، واصرخ بجرسي منادياً الكلاب عندما أشمُّ رائحة وحشٍ قريب .

نهض الخروف على قوائمه ، قفز في الهواء أمام عيني المرياع ، نطحه بقرنيه ، ثم وقف أمامه متحدياً ، فضحك المرياع .

هذه هي حكايتي يا ولدي ، وأعلم أنني قبل تلك الليلة كنت أتدرب على حراسة القطيع ، أسهر على راحة النعاج ، أساعد أقراني ، تعفُّ نفسي عن عشبة رغب بها أحد أفراد القطيع ، أضرب صخور الوديان بقرني استعداداً لمنازلةٍ طارئة ، وكنت وفياً لوصية أمي فهي تطن في أذني إلى اليوم :

-لا خير في حملٍ يرضع ثدياً غير ثدي أمه .

-لا خير في حملٍ لا يميز رائحة أمه من مئات النعاج .

-لا خير في خروفٍ بلا قرنين وخصيتين .

حفظت هذه الوصية يا ولدي ، وعملت بها طيلة حياتي ، للزمن كيدُه وغدرُه ، لذا عششت في ذاكرتي قصص وحكايا جدي .

يحزنني أنني لا أرى على هذه الأرض جواداً يخبو ويثير النقع إلى أعالي السماء ، لا أسمع شدو ربابةٍ تبث لواعج عاشق أضناه الحنين إلى من يحب ، لا أتتبع صرخة شاعرٍ يطلب من حادي العيس أن يعرّج على الخيام ليودع أحبته لأن في ترحاله الأجل ، غاب غناء الصبايا الذي تردد صداه الوديان.

منذ سنين لم أرَ غزالاً يُسحرك حورُ عينيه ، وكانت قطعانها تسبقنا إلى الغدران ، ولا يحوم فوق رؤوسنا نسرٌ أو صقرٌ أو عقاب . خالط صوتَ المرياعِ الحزنُ فصمت بعض الوقت ، ثم تحدث :

أرى قطعاناً غريبةً تجوب في هذه الأرض ، إنها بلا ألية تستر عوراتها ، وترتع حولها خرافٌ مخصية ، لقد أتوا بالعلف المركز ليقدموه لحملان تؤخذ بعيداً عن النعاج ، إن خراف هذه الأيام لا تميز رائحة أماتها ولا تعرف أعشاب البادية ، لا تفرق بين بيت الخلد وتشقق الأرض مرشدة عن كمأة اختبأت حياءً تحتها .

آه من هذه الأيام ... بالأمس صرخت بوجه حملٍ حاول أن يرضع ثدي أتان ولود ، رأيته يتمسح بها ويشم رائحتها كأنه يرغب أن تسكن ذاكرته المثقوبة ، لقد سمعت الرجال يتحدثون عن خصي الخراف الصغيرة وعن تلقيح النعاج بالأنابيب كما فعلوا بالبقر ، واستشهدوا بالنعجة " دولي " .

قاتل يا ولدي ومت دفاعاً عن قرنيك وخصيتيك ، فلا عزة لخروف بدونهما . انظر إلى ذاك الراعي ، إنه يحرق العشرات من شجيرات الشيح ليغلي إبريق شاي واحد  ... فرَّغوا الحياة في البادية من الحياة .

ضاعت تتمة قصة المرياع مع وصول جرارٍ يجرُّ خلفه صهريج ماء، فنادى الراعي على القطيع، وأخذ يرميه بالحجارة،  فأسرع المرياع يركض خلف الصهريج ، أما الخروف فذهب باحثاً عن أمه .

29/10/2002

 

 

العاصفة

 

تستريح قرية "البرهانية" التي تغسل قدميها في بحيرة عين التنور عند سفح الجبل . يحرس قصر " المعلم " برهان المنطقة،  وهو محاط بمزرعة تتخللها الجداول وتسورها أشجار السرو، وقد بني القصر من الحجر المصقول ، جعله المعلم مقاماً لعائلته.

في أصيل يوم مكفهر تجول عصمت بن برهان في المزرعة غير آبه بقطع الغيوم التي تغطي السماء ، ولا مكترث لرياح الشتاء الباردة ، ولا للطبيعة المنذرة بعاصفة هوجاء .

كان مشتت الذهن ، ينقل خطاه ببطء ، يتلمس جذوع الشجر بيديه ، ممعناً النظر بها ، وابتسامته الخجولة لا تفارق ثغره . إنه اليوم الأول لوصوله من المدينة ، ومع ذلك لم تستقبله عائلته بحرارة ، واكتفت أمه أن أمرت الخادمة " عيشة " بحمل حقائبه إلى غرفته ، ولم يسؤه ذلك لعلمه أن عائلته تنتقد اتصالاته بمثقفي المدينة ...

تابع عصمت تجواله مصغياً إلى تأوه الأوراق الصفراء تحت قدميه ، وإلى خوار ثور من حقل قريب ، متجاهلاً المرافقة الذين يحومون حول القصر يرصدون حركاته ، توقف أمام نخلة خاشعاً ، تذكر أن نخيل العراق ينتحب بلا دموع ، ينتحب على دجلة والفرات الداخلين إلى ما شاء الله في حزن عراقي معتق وأصيل ، أصغى إلى مواويل بغداد الحزينة تعزفها على أصوات الصواريخ والقنابل وعويل النساء الماجدات مكحلة بدماء الأطفال . حدث نفسه :

من عادة والدي طرد الخدم لأتفه الأسباب ورغم ذلك أراه يتحاشى عيشة ، ولا يحاول طردها ، حتى أصبحت فرداً من العائلة ، ولكن الحقد والكراهية أقرأهما في وجه والديَّ كلما شاهداها تمشي في أرجاء القصر على خلاف موقفهما من الخادمة الجديدة .

سمع ضحكة والده مقبلاً نحوه بقامته القصيرة وبطنه يتقدمه ، فخف إليه محيياً ومعانقاً ، سارا معاً .

قطع المعلم برهان حبل الصمت بصوته الخشن الوقور قائلاً :

- كيف أحوال المدينة .

- على خير ما يرام ... ولم يستطع إخفاء حزنه من غطرسة أبيه .

- أتعلم أن أصحابك أولاد الزنى يتحدثون عن ضرورة محاسبتنا بتهمة الفساد ؟ .

- كم قلت لك أن تقطع كل صلة بدعاة الغرب والإمبريالية ... هلمَّ بنا إلى القصر فالعاصفة توشك أن تدركنا ؟ ..

عادا إلى القصر وقد ملأا الجو صمتاً ، صعدا الدرجات الأولى ، توقف المعلم ليسترد أنفاسه ، التفت إلى ابنه مخاطباً :

- وضعنا أرواحنا على أكفنا عندما قمنا بالثورة ، واليوم يأتي هؤلاء الـ ... ليطيحوا بكل ما بنيناه ... أدخلتك الجامعة يا ولدي لتشد أزري بعد رفضك رغبتي في الانتساب إلى الكلية الحربية ، لا لتضيع مع هؤلاء .

- نحن في زمن التلفزيون وعصر المعلوماتية ، فلا أحد يضيع إلا إذا أصرّ على الضياع ، من يريد أن يفهم الواقع لابد أن يحرق يديه .

- دعك من هذا الآن .. لقد استخدمت خادمة فتية أرجو أن تحوز على إعجابك ... ما أجملها من عذراء .. تذكر هذا يا عصمت ودعك من أولاد الزانية ، دخل عصمت القصر دون أن يحير جواباً .

مرَّ عصمت في طريقه إلى غرفته بعيشة منحنية تمسح البلاط الرخامي، وقد ظهر جزء من ساقيها البديعتين، فتبادلا النظرات، ابتسمت، قالت بدلال :

- كيف تقضي وقتك في المدينة يا سيدي ؟ ...

- كم لفت نظرك إلى عدم مخاطبتي بسيدي ... قولي عصمت حاف ، تركها وضحكتها الساحرة تطوق قلبه .

دخل غرفته ، نضا ثيابه ، وقف عارياً أمام المرآة ، خيل إليه أن المرآة تعكس صورة عيشة عارية ، ضفائر ذهبية ، وجه ينطق بعينين خضراوين ، قدِّ فاره يضج أنوثة واشتهاء ، كلمها :

- كم أشتهيك يا عيشة ... إليّ يا حبيبتي ... لن تفلتي مني هذه الليلة ... أفضِّل أن أحترق حباً من أن أمتلك الدنيا .

ما كاد يبتعد حتى تركت عيشة لخيالها العنان . وضعت صورتها بجانب صورة عصمت ، قصره وعائلته والعز الذي يعيش فيه ، فوقف هذا شامخاً فوق قدرها القميء هازئاً منه ، وبحركة لا شعورية لمست نهديها فلسعتها الشهوة ، فحملت ممسحتها بيديها والتعب يعصرها ، وهربت إلى زاوية أخرى لكن وجهه بقي ماثلاً أمام ناظريها بعينيه البراقتين ... كم شاهدته مشمراً عن ساعديه مساعداً الفلاحين في أعمالهم ، يحصد عن هذا ، ويغوص بالطين ليساعد الآخر في دفع سيارته ، لكنها تراه يمقت العيش بين جدران القصر . داهمتها ذكرياتها مع أمها في القرية المجاورة فناجتها :

مسكينة أنت يا أماه ، أنت وحيدة في بيتك المتداعي وخادمة لسنين في هذا القصر ، تقدمين لي أعذاراً واهية في ابتعادك عن الحياة ، لا تحبين أن أشاركك أحزانك المجهولة ، لهفي عليك كم تخبئين من الأسرار .. مرت سيدة القصر بها فوكزتها بطرف حذائها المدبب صارخة بوجهها :

- لمَ نستخدمك هنا .. تباً لك من كسولة .. فغابت صورة عصمت ، وابتعدت صورة أمها، فذرفت دمعةًٌ كوت صفحة خدها.

غطى الليل القرية بوشاحه ، واشتد عويل الريح ، هبط عصمت من غرفته ، جلس في الصالون الكبير ، مرت به الخادمة الجديدة فحيّته بابتسامة حمّلتها دعوة فاضحة ، ومضت تهز ردفيها . غاب بين أحضان أريكة وثيرة ، حاول قراءة بعض الصحف ، رمى بها فوق الطاولة ، أخذ يقتل وقته بمتابعة القنوات الفضائيات، لكن أنوثة عيشة وجسدها لم يفارقا مخيلته.

انتصف الليل . غرق من في القصر في بحر الأحلام ، بلغت العاصفة ذروة عنفوانها ، تساقطت الأمطار بغزارة ، صرخت حيوانات من مكان قريب باحثة عن الأمان خوفاً من العاصفة .

نادى عصمت :

- عيشة .. عيشة ..

فوقفت مزروعة بين يديه ، طلب منها فنجان قهوة ورجاها أن تحمله إلى غرفته ، ورجع إلى غرفته ينتظرها على سريره .

- تفضل يا سيدي ..

هبّ على صوت عيشة ، أشار عليها أن تضع الصينية على الطاولة ، نهض ، أغلق الباب ، عاد إليها فأطرقت برأسها إلى الأرض ، صبغت وجهها حمرة قانية ، احتضنها بيديه ، مشت يداه على ظهرها ، سلمتْ له نفسها ، سكنت حركتها ، يخيل لمن يراها أنها فارقت الحياة ، لمست يده صدرها الناهد ، داعب رمانتيه فانتفضتا كرأس القط من البرد ، غلت الدماء في عروقه، حاولت الابتعاد ، ازداد التصاقاً بها ، فملكها الخوف ، شعرت أنها بين يدي وحش مفترس ، دفعته ، شدّها ، قاومته ، ضربها على رأسها فسقطت فوق السرير فاقدة الوعي .

نضا ثيابها قطعة قطعة ، وما رفع شيئاً عنها إلا وتحلب ريقه لجمالها وأنوثتها الصارخة . لامست يده تميمة علقت برقبتها قجذبها إليه ، تأملها ، فإذا هي قطعة من النحاس كتب فيها :

عائشة ابنة برهان ..

تجمد عصمت ، أيقظ عيشة ، ساعدها في ارتداء ثيابها ، أخذت تنتحب ، صرخ فيها لا تبكي يا أختاه .. هبط بها درجات القصر يجرها خلفه ، صرخ بأعلى صوته ، أوقد كل المصابيح ، كان يشبه سفينة أدركتها العاصفة وقد فقدت ربانها، وكسرت دفتها ، فتقاذفتها الأمواج ثم تعاورتها الصخور .

هبَّ كل من في القصر ، أسرعوا إلى الصالون ، وكان آخرهم المعلم برهان أتى مزمجراً ، وجد أمامه ابنه عصمت مرتعشاً وهو يمسك بعيشة والغضب يتطاير من عينيه ، خاطبه :

- من هي عيشة يا سيد برهان بك ؟ .

- كيف وضعت أختي في طريقي ؟ .

تقدمت أمه وحاولت منعه من الكلام ، أشارت إلى غرفة المكتب . صرخ في وجهها :

- حتى أنت يا أماه .. ألا تعلمين أن هذه المسكينة أختي ؟ . وكدت اليوم أن ... نعم الخادمة عيشة أختي .

- سجلتَ أملاكك وأموالك بأسمائنا تحسباً لغدر الزمن ، ماذا تركت لهذه الخادمة يا سيد برهان ؟. كنت تحذرني في صغري :

" إذا لم يكن الله موجوداً فكل شيء مباح " .

حاول برهان أن يتكلم لكنه فقد القدرة على الكلام ، فتلاشت الكلمات على شفتيه ، قرع عناصر المرافقة الباب بعنف ، لكن سيدة القصر فتحت الباب وطلبت منهم العودة إلى أمكنة حراستهم .

تأبط عصمت ذراع أخته عائشة وخرج من القصر بالرغم من العاصفة ..

25/1/2003

 

 

الحصار

1

خرج أطفال " قانا " من تحت أنقاض المدرسة في صيف عام/ 2006 /، اصطفت جثثهم المغبرة بجانب شهداء  " قانا " في صيف عام /1996 / ، تجولت مريم وفاطمة بينهم باكيتين ، فأشرقت وجوه الأطفال بالابتسام إلا طفلاً كان محتضناً ثدي أمه وملتصقاً بها ، اقتربتا منه فوجدتاه راسماً إشارة النصر على صدر أمه .

2

مرت الأيام وعناصر الأجهزة تتبع خطا الأديب كظله . أحصوا أسماء زواره ، كتبوا أرقام السيارات ، أسماء الصحف والكتب التي يحملها ، أسماء الحاجات التي يشتريها بما فيها البصل والثوم ، ثم أدخلوها إلى الحاسوب عبر الهاتف النقال ، بحثوا عن أرقام الهواتف التي يتصل بها أو تتصل به ، وعندما قدم لهم إبريقاً من الشاي الأخضر مبتسماً ، خاطبهم :

-يا أولادي .. أنا سعيدٌ بوجودكم فقد أصبح عندي مرافقة ككبار المسئولين .

 

3

دخل الرجل المنزل فصرخت الزوجة في وجهه :

-أين كنتَ ؟.

-بمن التقيتَ ؟.

-هيا تكلم ؟.

-أكتبتَ بياناً تندد بإسرائيل وآخر ضد الدولة ؟.

-مالكَ لا تجيب ؟.

-نحن منذ أيامٍ بلا غاز ، بلا مازوت ، واليوم بلا خبز ، ما لنا والحرب في فلسطين وفي العراق وفي لبنان ؟.

-هل أنت رجل ؟. . منذ سنين وأنا أقول لكَ طلقني ، بعد اليوم لن ننام معاً في فراشٍ واحد .

 

4

وقفت السيدة أمام المرآة ، أدهشها الشيب الذي غزا شعرها واحتله ، تأملت وجهها ، فخرج وجه أخر منه ، تبعه صدر ، يدان ، فخذان .. حتى اكتملت سيدة غريبة وقفت في المرآة إلى جانب صورتها ، خاطبتها الأخرى :

- الخارج قدر ، الداخل قدر ، وأنا قدر ، لن تهربي منا .

 ضربت السيدة المرآة بقبضة يدها فتلاشى الوجه الآخر .

 

5

أسعفت سيدةٌ إلى المشفى ، وجدت إمرأةً بحالة ولادة قيصرية وبحاجة إلى دم ، فرجت الأطباء أن يأخذوا دمها وينقذوا الأم والجنين . عندما ملأ المولود المشفى صراخاً ابتسمت السيدة .

20/8/2006

 

 

ثورة الشك

 

التقيا في الطريق ، استراحت عيناه في وجهها الجميل . أما هي فقد توقفت عند شاربيه اللذين خالطهما الشيب .                    

من مكان قريب صدح صوت إذاعة :

طائرات (1ف 16 ) إسرائيلية تقذف المدن الفلسطينية. طائرات مروحية تهاجم سيارةً يقودها أحد نشطاء الانتفاضة .

اقترب منها ، ابتسمت، رقصت عيناها فرحاً ، مدَّ يده نحوها، انتظر، مدتْ يدها، لسعته حرارتها، فتمنى لو تذيب كفُها أصابعَه وتذهب بها. خاطبها :

_ لمْ تغيّركِ السنون يا سميرة ، مازلتِ ساحرةً ، عشرة أعوام مرت على آخر لقاء لنا .

 جندي إسرائيلي يقتل طفلةً في الشهر الرابع من عمرها ، وهي في حضن أمها .

تنهدت ، سبحت عيناها في بحر عينيه .

_ نعم .. كان ذلك قبيل زواجي بأيامٍ قليلة .

شاب فلسطيني يفجر نفسه في محطةٍ للركاب في ضواحي " حيفا " .

تفجرت الدماء في عروقه ، هدرت شلالات قلبه كما كانت تفعل عندما كانا يلتقيان .

- لمَ تزوجت ذاك النغل ؟ .. كبتَ غيظاً داهمه فجأةً .

- لم استطع الرفض … الطريق أمامكَ كانتْ طويلةً .

منذ اغتصاب فلسطين والعرب المقيمون فيها يعيشون غرباء في وطنهم . علق على هذا الخبر:

هل تعود فلسطين إلى حضن أمها ؟ .

-ماذا فعلتَ في دنياكَ يا رامي ؟ .

- صرعتني الدنيا يا سميرة . كلما أنهض من كبوةٍ  تترصدني حفرةٌ  .

- هل تخرجتَ من الجامعة ؟ .

- علقتُ شهادةَ الطب فوق سرير أمي . لمْ يكنْ لها همٌ في الدنيا سوى أن تراني طبيباً .

الله أكبر الله أكبر.. نادى مؤذن العشاء بصوتٍ حنون .

- كمْ أحببتكِ يا سميرة .. أنا بشوقٍ إليك .. حياتي صحراءٌ بلا نخيل .

- تُوفي زوجي منذ عامين .. كان يكبرني بثلاثين عاماً ..

الرئيس الأمريكي بوش " الابن "  يعقد مؤتمراً صحفياً أمام البيت الأبيض . يقول فيه :

لن نستطيع أن نمارس مسؤولياتنا في " الشرق الأوسط " ، إلا إذا توقفت موجة العنف والإرهاب التي يمارسها الفلسطينيون .

نحن بصدد إقناع حلفائنا في المنطقة بجدوى العقوبات الذكية على العراق . أضاف الرئيس بوش .

سارا معاً ، دخلا حديقةً تودع آخر زوارها، جلسا على مقعد تحت مصباحٍ عجوز.

- لمْ أتزوجْ .. لمْ أستطعْ الحصول على شهادة الاختصاص . الفرصة أمامي تضيق يوماً بعد يوم.

- أتختص في الطب النفسي كما كنتَ ترغب ؟ ..ضحك ..

- نحن في وطنٍ لا يعترف أحدٌ فيه أنه مريضٌ نفسي .. ومَنْ حوله يتسترون على مرضه .

- أما زلتَ تكتب الشعر .. قصائدُك كانت تثير عواطفي .

- ماتَتْ أمي قبل أن أمارس الطب ، فحطمتُ أقلامي وحرقتُ أوراقي .

مرَّ أمامهما بائع فولٍ ، خبأ في ركنٍ من عربته مذياعاً يصدح بأغنيةٍ لأم كلثوم .

أكاد أشكُ في نفسي لأني .

أشك فيكَ وأنتَ مني .

اقترب منها ، التصق بها ، انحنى إلى الأمام ليلامس ذراعه نهدها المتمرد ، همس في أذنها :

- منذ أشهر وأنت تقيمين معي في غرفةٍ واحدةٍ ، تشاركينني السرير .. نظرت في وجهه مندهشةً .

تكذِّبُ فيك كلَّ الناس أذني .

وتعشق فيك كلَّ الناس عيني .

-أين غرفتك لأذهب معك إليها ؟ .

- هناك في تلك البقعة من الأرض ، في كل ليلةٍ أحلم أن هناك غابةً ، فروع أشجارها متعانقة، في وسطها بيتٌ من الآجر الأحمر ، له سقفٌ من القرميد ، تعشش في شقوقه العصافير والبلابل ، في داخل البيت سريرٌ خشبيٌّ ومدفأة حطب .. انظري حيث أشير بإصبعي .. نعم هناك أراكِ على السرير عاريةً .

أعادت أم كلثوم مقطعاً من أغنيتها عدة مرات .

يقول الناس أنك خنتَ عهدي .

ولم تحفظ هواي ولم تصنِّي .

أطرقت سميرة برأسها ، هربت بعيداً بعينيها ، حدثته :

- منذ طفولتي كانت نظراتك تحرقني ، عيناك تعريني . كنتُ أشعر بالتقزز عندما ما يطلب زوجي مني أن أتعرى له على أضواء خافتة وهو يلتهم المائدة ، كان يسعد برؤيتي كما ولدتني أمي .. تألمت بين يديه، بكيت ، داهمتني حالات تقيؤٍ .. لا زلت أخشى عينيك يا رامي ، إنهما تخترقان ثيابي ، تغوصان داخل أعماقي ..

وما أنا بالمصدق فيك قولاً .

ولكني شقيتُ بحسن ظني .

- أ كنتِ تُسعدين أيتها الماكرة عندما كانت عيناي تعريك؟.

صمتتْ . ابتسمتْ . سألتْ :

- ماذا حدثَ بعد ذلك ؟.

_ أين .

- في تلك البقعة ، في الغابة ، على السرير الخشبي ، قرب المدفأة .

أجابها ببرودٍ :

- لا شيء .

أنهى الملوك والرؤساء والأمراء العرب مؤتمرهم في قمة عمان . ثم أخذ المذياع يبث أغنيةً صاخبةً .

- كيف لا شيء ؟ .

- ألم تقل أننا معاً في غرفةٍ واحدة ، على سرير خشبي ، أمام المدفأة ونحن عراة .

- لا شيء .." خالدٌ "  كان يداهمنا في تلك اللحظة .

 - خالد بن الوليد .

 - ابن الوليد المخزومي .

 -أ رأيته بأمِّ عينيك ؟ .

 - رأيته يرفع الحجارة عن قبره . يخرج من بطن الأرض . يحطم الغرفة الخضراء التي سجنوه فيها. يحمل سيفه ورمحه . إنه يرتدي درعه وخوذته الفولاذية . له شاربان سوداوان . الشرر يقدح من عينيه . كان يصرخ يا سميرة ، طوله يصل إلى مستوى مئذنتي مسجده ، رأيته يصول ويجول كأنه في " القادسية " أو " اليرموك " .

-ماذا كان يقول ؟ .

 " ليس في جسمي موضع شبرٍ إلا وفيه ضربة سيفٍ أو طعنة رمح " .

التفتَ رامي إليها . سألها :

- أ أصبحت أماً ؟ .

تنهدت استنشقت الهواء بعمق :

  - كان زوجي عقيماً . خدعني .. أخفى عني ذلك .. مالت برأسها نحوه ، وضع يده خلف ظهرها ، شدها إليه بقوهٍ ، فاحترّقت قطع الثياب التي تفصل بين جسديهما . عاد المذيع يعلن :

هددت القمة العربية إسرائيل إذا استمرت في عدوانها على شعب فلسطين ، ثم أوصت بوقف التطبيع معها حتى تعود إلى طاولة المفاوضات .

- منذ أيامٍ تأبى عيناي النوم . يكاد القلق يقتلني يا سميرة . أحسُّ أن حمى ستأخذني معها إلى جهنم .

أمسكت بيده . نهضت . قادته . أسرعت . حثتْ خطاه . اخترقت حياً شُيد على رابيةٍ مطلةٍ على المدينة . دخلت بناءً منعزلاً . صعدت به عدة درجات . أخرجت حزمة مفاتيح. فتحت الباب ، تمنع ، تردد ، دفعته ، جرَّته إلى غرفة النوم ، تعرّت من ثيابها ، ساعدته في خلع ثيابه . انفجرت شرايينه ،  انقضَّ عليها ، احتضنها ، عصرها بين ذراعيه ، تلوت ، تأوهت ، أشعلته أنفاسها ، ضغط بجسده على نهديها ، طوقته بذراعيها .

في هذه اللحظة خرج خالد بن الوليد من الجدار الذي أمامه ، رماه بنظرة ، تجمد ، نهض ، ارتدى ثيابه ، خرج وصراخ خالد يطارده :

  " فلا نامت أعين الجبناء " .

1/6/2001

 

 

من قتل هدى أبو عسلي

 

لروح هدى السلام

من قتل هدى أبو عسلي ؟ .

من قتلها لزواجها من خارج الطائفة ؟ .

هدى ابنة جبل العرب الأشم ، الجبل الذي قاد  سلطانه الباشا الثورة السورية الكبرى عام 1925 ، الجبل الذي علم مناضلوه المناضلين أصول مقارعة المعتدين ومناهضة المستبدين

بعد عقودٍ من الاستقلال وتشييد المدارس والجامعات ونشوء الأحزاب وتواجد تعبيرات المجتمع المدني ، ُتقتل هدى في السويداء ، وقد أُعطيت السماح من الأهل ، تقتل بالسكاكين والمسدس ، وتزف جثتها المضرجة بدمائها كعروس ، وتلعلع الزغاريد !!.

 فمن قتل هدى ؟ .

أعتقد أن جزر هزيمة المجتمع العربي أمام أنظمتنا البائسة والمهترئة وهزيمتنا أمام الخارج الأمريكي والصهيوني ، جزر هذه الهزائم المتوالية يقبع في مدارسنا وجامعاتنا وفي أحزابنا وتجمعاتنا وبطريكياتنا المتعددة  .

كيف لم نرتقِِِ إلى مستوى استقلالنا ودخولنا المزعوم العصر في ثورة المعلومات وتحول العالم إلى ضيعة صغيرة ، ونحن نغوص إلى ذقوننا العفنة بالطائفية والعشائرية والعائلية والذكورية المقيتة .

بُنى ما شيدنا قتل هدى أبو عسلي .

جامعاتنا قتلت هدى .

أحزابنا قتلت العروس .

مؤسساتنا قتلت الحبيبة .

وعينا الذي يقبع في كهوف القرون الوسطى ورؤوسنا التي تعيش في عصر الفضاء  ، كلها قتلت هدى أبو عسلى  .

لروح هدى السلام

20 /9 / 2005

 

أضيفت في 27/05/2007/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتب

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية