أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 03/09/2022

الكاتب: حسين علي الهنداوي

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

حاصل على إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق 1981

عضو اتحاد الصحفيين العرب

 

أعمالي القصصية :

 شجرة التوت

 

أعمالي الشعرية :

ديوان: بعنوان هنا كان صوتي وعيناك يلتقيان

ديوان: هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير

ديوان: أغنيات على أطلال الزمن المقهور

ديوان: المنشى يسلم مفاتيح الياء

 

النقد الأدبي:

محاور الدراسة الأدبية

النقد والأدب

مقدمتان في نظريتي النقد والشعر

 

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتب

العروس

 شجرة التوت

 

شجرة التوت

 

لم تكن تنتهي حرب حزيران غير المتكافئة حتى دخل الاحتلال مدينة القنيطرة بهمجية غاشمة و أشعل الحرائق في البيوت المتبقية و التي لم تدمرها قنابل القصف أيام الحرب

كنت في الخامسة من عمري عندما قدم عشرة من جند الاحتلال إلى منزلنا ، و دخلوه بصراخ و عصبية تترية

كانت أمي و جدتي و إخوتي الأربعة جالسين تحت شجرة التوت التي زرعها جدي منذ دخوله هذه المدينة الطيبة الوادعة طلباً للرزق 0 لم يكن لدينا بيت واحد صالح للسكن بعد أن دمرت القنابل الهمجية كل الحي الذي نقطنه ، و قتلت و جرحت أكثر من خمسين طفلة ، و امرأة ً و صبياً و تقدم منا ضابط نحيل الجسم طويل القامة تبدو أنيابه كأنياب كلب مسعور 0

قال بلكنة عربية : أين هم الرجال المختبئون ؟؟

ثم تقدم من جدتي و ركلها بقدمه السافلة ، و قال :

تكلمي أيتها العجوز الشمطاء و إلا قتلت كل من حولك ، و أمطرتهم بوابل من الرصاص ، فأجابته بصوت متهدج يشوبه الحنين و المرارة :

تلك عادتكم أيها المتغطرسون ، تحرقون ، و تدمرون ، و تقتلون ، هذا هو المنزل أمامكم 0 فتشوه كما شئتم 0 لن أقول لكم ليس لدينا رجال ، فرجالنا مازالوا أحياء ، و سترون شجاعتهم عندما تحين الفرصة 0 صرخ الضابط بوجهها ، و قال : اخرسي أيتها الوقحة 0 نحن هنا و لن نرحل عن هذه الأرض ، ثم التفت إلى جنوده ، و قال : فتشوا البيت بشكل دقيق لا تتركوا حتى أعشاش العصافير و إن عثرتم على أي شيء فأتوني به 0 و دخلت ُ في ثوب أمي أنظر إلى ذلك الضابط و قلبي يقفز في صدري حقداً و خوفاً 0

صحيح أنني في تلك السن لم أكن أعي معاني الاحتلال ، و لكنني كنت أشعر من أصوات القنابل و المدافع ، و ما أحدثته من تدمير و حرائق 0 أن من يصنع ذلك لا يعدو يكون همجياً 0 قد ملأ صدره و قلبه حقداً و غّلاً ، بل هو وحش يحاول افتراس ما حوله 0 و عاد الجنود بعد دقائق بالخيبة 0 لم يعثروا إلا على سرج حصان كان والدي يستخدمه في محاربة الفرنسيين 0

و تقدم الضابط منا ، ثم قال بنبرة تشوبها السخرية و الحقد :

أيتها العجوز احملي عكازك و ارحلي أنت ومن حولك 0 لا أريد أن أرى أحداً في هذه المدينة بعد المساء 0 وضعت جدتي يدها الواهنة على كتف أمي ، ثم اتكأت باليد الأخرى على عكازها و قامت و تقدمت من الضابط قائلة :

(( لن تطول غيبتنا عن هذا المنزل ، و سنعود إليه قبل أن تطلع الشمس ))

ثم تقدمت من شجرة التوت ووضعت جبينها المضنى على جذعها و خاطبتها قائلة :

لا تكوني حزينة أيتها التوتة !!

سنرجع إليك و سأعانقك بعد رجوعنا 0 لن ودعك الآن فأنا أعلم أن غيبتنا لن تطول

عن هذا المنزل ، فأعاد الضابط صراخه قائلاً : اخرجوا من هنا لا أريد أن أرى أحداً بعد هذا المساء 0

و خرجت جدتي و أمي من المنزل مطرقتين تجران وراءهما إخوتي و شعرت حين ذاك رغم صغر سني بمرارة الحياة و نظرت إلى أمي بعد أن تجاوزنا المنزل إلى الشارع و قلت لها : و لكن أين والدي و عمي كي يطــــــردوا هؤلاء الجنــــود من منزلنا ؟!! لم أرهما منذ خمسة عشر يوماً 0

نظرت أمي حولها و لم تر أحداً ثم قالت لي : أبوك و عمك مع الجنود المدافعين عن القطاع الشمالي من الجبهة ، ولا ندري أهم أحياء أم أموات 0 كان الله في عونهم ، و التفتت جدتي إلى أمي ثم قالت (( ترخص الرجال فداء للوطن 00 و الله لو كان عندي عشرون ابناً لأرخصتهم فداءً لهذا التراب 000 و الله لو قتلوا أمامي جميعا لما رجف لي قلب و لحمدت الله فالوطن غال ٍ بل هو أغنى من كنوز الأرض 0 توكلي بالله فالأعمار بيده و لن تموت نفس على هذه الأرض حتى تستوفي ما بقي لها من أنفاس )) 0

و مشينا 000 كانت الشمس تنحني نحو الغروب و كان المساء يزحف ببطء كسلحفاة حزينة 0 وما إن قطعنا كيلو متراً واحداً حتى سقطت جدتي على الأرض من الإعياء و التعب فجلسنا حولها و أمي تقول : ما أتعس هذا الحظ !! فالتفتت جدتي إليها ثم قالت : لم أعهد طيلة حياتي أن الظلم دائم و سترين بأم عينيك أن الحق سينتصر 0 صحيح أنهم استغلوا غفلة من الزمن و لكن الرجال استيقظوا و ستسمعين دوي الرصاص في يوم قريب و ستعودين بمشيئة الله إلى منزلك ومن هذه الطريق نفسها و لكن بعزة و شموخ 0 و التفتت أمي إلى الخلف بسرعة لترى سيارة هشة محملة بالنساء اللاتي طردن مع أولادهن من المدينة رفعت يدها مؤشرة للسيارة بالوقوف 0

وما إن ركبنا حتى أسندت جدتي رأسها إلى مقعد قديم و غرقت في نوم عميق لم تصح منه حتى وقفت السيارة في إحدى المدارس الواقعة في طرف المدينة و تقدم منا المتطوعون و أنزلونا من السيارة ثم حملوا الجرحى إلى المستشفيات 0

شرعوا بتوزيعنا على الأماكن الفارغة 00 قضينا أياماً كانت أمر من الجلوس على الجمر و لم يكد عمي ووالدي يعثران علينا إلا بعد مشقة ٍ و تعب كبيرين 0

كان عمي خلال تلك المعارك قد جرحت ساقه اليمنى جرحا بالغاً أعاقه عن المسير

بشكل صحيح 0 و كان والدي قد نجا من الموت بأعجوبة ، فقد أمطر الطيران المعادي خندقه بوابل من القنابل ولولا عناية الله لكان في عداد الشهداء 0

تسارعت الأيام 000 كان الزمن يتمخض عن ولادة جديدة ، و كان الرجال يستعدون لجولة جديدة يشحذون أسلحتهم و يتدربون ليلاً و نهاراً من أجل أن تبزغ الشمس على تراب بلادنا المقدسة 0

و كبرت 000 لقد بدأت أستشعر معاني الاحتلال 0 لم أعد أقرؤها في كتبي المدرسية فقط بل أخذت أعاني من ويلاتها 000 ستة أعوام و أنا أشعر بحنين إلى شجرة التوت 0 كنت كل يوم أجلس بين يدي جدتي لتحدثني عن ماضيها المتجذر في تلك الأرض و كنت أشعر و هي تحدثني أنني جالس تحت ظل تلك الشجرة 00 أسمعها بشغف و هي تقول : (( الوطن غال ٍ يا بني !! من لا وطن له لا قيمة له ))

و جاء رمضان بصفائه و نقائه 000 كان الرجال قد أعدوا أنفسهم ليعيدوا الأرض 00 و لم يمض عشرون يوماً حتى كانت الرايات العربية تخفق فوق جبل الشيخ 0

كانت جدتي تجلس إلينا و تحدثنا عن الشمس التي ستبزغ قريباً 0

ومن إن همدت نار الحرب و عاد والدي و عمي إلينا حتى باشرت جدتي بإلحاح عليهما للرجوع إلى المنزل 0 و استأجرنا سيارة صغيرة و دخلنا المدينة 0 كان الجنود يعلقون على أبوابها أكاليل الفرحة و النصر 0

دخلت جدتي المنزل و نحن نسير وراءها ببطء 000 تقدمت من شجرة التوت 00

عانقتها عناقاً حاراً و التفتت إليَّ و قالت : يا بني هذه شجرة الحياة حافظ عليها كما حافظ عليها أبوك و عمك 000 لا تدع أحداً أياً كان يمسها 0

و الويل كل الويل لك إن لم ترخص نفسك لدفاع عنها 000 تقدم منها 000 عانقها كما عانقها أبوك و جدك 000 و اجعلها محراباً لصلواتك

 

 

العروس

 

 

كان اللَّيل قد ألقى بستائرة المكفهِّرة على الطرقات عندما كان زَيْدان عائداً من قرية أم الجِمال إلى بلدته ، و لمَّا كان البرد يكشِّر عن أنيابه ، والمطر ينهمر بغزارة شديدة ، فقد قرر زيدان اللجوء إلى مغارة الـزرازير

الممتدة في تلك التلة الصغيرة علَّ  المطر يَهْدأُ من انفعاله و تتوقف شرايين السماء عن النزيف 0

وما إنْ باشر زيدان بعبور المغارة حتى رأى عينين تبرقان داخلها0

عندها أحسَّ بأنَّ هاتين العينين هما " ضَبْعٌ" يكمن هنا 0 ولما كان معتاداً على مقارعة الضِّباع فقد تقدم منه ببطىء، ثم قفز عليه بسرعة البرق ، وبعد عِراك شديد تمكن زيدان من خنق الضبع و جره خارج المغارة 0 وأثناء جره للضبع كان زيدان يركل جسماً غريباً أحس بفطرته الريفية أنه جسم لآدميٍّ ميت ٍ 0 

حمل زيدان قداَّحته ثم أشعلها ، وأخذ يتحسس بإحدى يديه هذا الجسد 0 إنه جسد أنثى 0 ورغم أنه كان في عجلة للرجوع إلى زوجته وأولاده الذين لم يرهم منذ أسبوعين ، فقد قرر المبيت في معـــارة الزرازير حــتى الصباح لكي يتحقق من شكل هذه الأنثى 0 فأبناء الريــف لديهم نخوة أصــيلة تدفـعهم دائماً إلـى مد يد الـعون حتى للغرباء، فكيف بأبناء بلدتهم الواحدة ثم إنه لا بد له من معرفتها فالبلدة صغيرة ، وجميع أفرادها يعرفون بعضهم 0

وضع زيدان نعليه تحت رأسه وغرق في نوم عميق ، لقد بلغ منه التعب حدا ً جعله يستغرق في نومه و كأنه

صخرة جثمت على آلام الأرض 0

ولما بزغ أول خيط للضوء وكان زيدان قد أفاق من نومه كعادته فتململ قليلا ً ثم نهض ، و أخذ يقلِّب الجثة ثم غطى الجزء المكشوف منها و جر الضبع إلى داخل المغارة ثم سد َّ بابها بمجموعـة من الحجـــارة وقفــل راجعا ً إلى بلدته و لما دخل البلدة كان لا بد من المرور عبر السوق حتى يصل إلى بيته الواقـــع في الـــطرف الآخر و أثناء مروره في السوق سمع عليا ً يصيح كعادته وهو راكب حماره ويقول :

" من رأى أو سمع أخبار ( حرمة ) عبد القادر فله مئة ليرة ذهبية " 0

وتبسم زيدان بينه و بين نفسه و دخل الدار فقامت زوجته وجهزت له صحنا ً من اللبن والدبس و جلــست إلى جانبه و أخذت تحدّثه عن قصة مريم ، ثم استطردت في حديثها قائلة : إنه لمن الغريــب حقا ً أن تــختفي في ليلة زواجها 0 فهي كما عُرفَ عنها فتاة خجولة مأدبة ابنة حسب و نـسـب ، ولم يعرف عنها السوء قط

لقد كانت راضية بزواج ابن عمها عبد القادر ، ولكن قد تكون غزوات البــدو قد اختطفتـــها ، والنـــاس في ضجة العرس فهب جميلة والعين عليها كما يقولون 0 وحمد زيدان ربَّه بعد أن مسح فمه بطرف منديله و قال : لا تتعجلي يا خديجة ، فكل شيء لا بد أن يظهر على حقيقته مهما طال الزمن ثم حمل نـفسه متوجـــــها ً إلى مضافة أبي عبد القادر و سلَّم على الجميع ثم جلس في أحد الزوايا يستمع إلى حديث الرجال 0

قال أبو عبد القادر : سنقوم بتشكيل مجموعات خمس وكل مجموعة مؤلفة من ثلاثة رجال يجوبون القرى ولا يرجعون إلى البلدة دون أن يأتوا برأسها مهما كانت الظروف لقد خفّضتْ رؤوسنا بين العشائر ، وأقــــسم أنها ستصير عبرة لمن يعتبر 0

وتنحنح زيدان ، وقال : يا جماعة ! لا تتعجلوا ، فشرفكم مصون ، وكرامتكـــم محفوظـــة ، وابنــتكم ابنة الرجال ! وتلفَّت الجميع إلى زيدان و هم مشدوهون 0 قال أبو عبد القادر :

أكمل حديثك يا بني ! و أردف زيدان كلامه قائلاً : البارحة عُدْت من قرية أم الجمال و ساقتني الأمطــــار إلى مغارة الزرازير علَّ السماء تتوقف عن الهطول 0

وما أن دخلت المغارة حتى وجدت فيها ضبعا ً فخلَّصْتُ عليه وحملته خارج المغارة فتعثرت قدمـــاي بـجسد آدمي وانتظرت حتى الصباح فوجدت ابنتكم قد أكل قسم منها فأغلقت عليها باب المغارة ، فاركبوا خيولكم و ستجدونها0

هتف الجميع بصوت عفوي : ابن أصل يا زيدان ! بارك الله في همتك ، و ستر عرضك 0

وانطلقت الخيول لترجع بالعروس و الضبع حيث عـُلَّـقَ أمام دكان أبي عــدنان ليراه الجميع و ليــعرفــوا أن شرف الفتاة كان أبيض 0

 

أضيفت في 0401/06/2006/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتب

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية