أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 03/09/2022

الكاتبة: ماجدولين الرفاعي

       
       
       
       
       

 

حوار أدبي

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

ولدت بين أحضان الطبيعة في حمص .. ونشأت بين جنبات درعا الموغلة في الجمال وفي حاراتها الدافئة بالمحبة فتشبثت بمكتباتها العامرة بأساطير الأولين وبربيعها الخلاب الذي منحني حب البحث عن سر الوجود وكنه الحياة .. التهمت المعرفة واكتسبت خبراتي من قراءاتي المستميتة لشتى الكتب والبحوث في كافة المجالات ولاسيما الأدبية منها .. شعرت بانجذاب إلى أبو تمام والبحتري وأين زيدون والجاحظ وغيرهم من العباقرة في الفنون الأدبية الذين حفروا معارفهم وإبداعاتهم في ذاكرتي .. استجبت لنداءات توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس فكنت كلما أقرأ لأحدهم أجد إن أصابعي تبحث عن قلم لتفرغ ما في جعبة العقل وقعر الروح من أحلام لغد أجمل ومجتمع خال من الظلم ونشر المحبة في القلوب .. درست  اللغة العربية حتى المرحلة الثالثة ثم عملت بعدها في التعليم بشكل متقطع ... تعكزت بفضاءات الحرف العربي لتكون مدادي الذي أخط به نذور الحياة وتناقضاتها .. حاملة أفكاري على كفي لأنثره أزهارا تفيض ضوءا ونياشين منمقة مليئة بوهج روحي العامرة بالإرادة التي تشربت من معينها لأحفر على صخور العمر رسالتي .. اكتب القصة والمقالة وبعض الشعر

 

المؤلفات :

1- قلادة الدهشة ... مجموعة قصصية .. تحت الطبع

2-قبل أن يطل الموت .. مجموعة شعرية .. تحت الطبع وأعمال أخرى محفوظة

 

الندوات والمحاضرات :

1_ ندوة على شاشة التلفزيون العربي السوري في برنامج مكاشفات عن دور الام في نشأة الطفل

2- ضيفة في مجلة كل الأسرة

3- حوار في جريدة الزمان اللندنية

 

وندوات ومحاضرات أخرى على مدى السنين الماضية كما نشرت نصوصي القصصية والشعرية ومقالاتي في صحف عربية كثيرة منها ( صحيفة الاتجاه الآخر .. صحيفة الأهالي الليبرالية .. صحيفة النهضة العراقية .. صحيفة نينوى العراقية .. مجلة السفير العربي التي تصدر بأربع لغات في جمهورية مصر العربية . مجلة اوغاريت التي تصدر في باريس باللغتين العربية والفرنسية. وغيرها من الصحف ) .. كما نشرت في أغلب المواقع الالكترونية نتاجاتي ومنها ( الحوار المتمدن ..الكاتب العراقي .. فضاءات .. مجلة شباب مصر .. موقع نساء سوريا.. موقع خطى .. شبكة سوريانا .. شبكة مرآة سوريا .. ومواقع أدبية أخرى ) ..

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

لا تلوموني فأنا عاشقة

قبلات على الجانب الآخر

ماذا فعلت بماكينة حلاقة أبي

شرائط الصف الثامن 

لحظة ضعف

 قلادة الدهشة

صورة للخوف

أحمر شفاه

 

شرائط الصف الثامن الملونة

 

 

فوجئَتْ والدتي عندما قرأت الرسالة التي وجدتها في حقيبة أختي المدرسية ، كانت رسالة من .. مازن .. زميل أختي في المدرسة .

يحدِّثها مازن عن حبه وعن أمله في الزواج منها ، ويرسم في نهاية رسالته قلباً صغيراً .. أحمر اللون ، قلوب الحب دائماً حمراء ولكن قلب مازن كان داخله اسم أختي دعد مكتوباً بعناية وبخط صغير وكأنه نقش .

.... .... .... ....

شعرت بالمرارة تخنق والدتي فقد كانت صدمتها عنيفة جدا لا لأن أختي تلقت الرسالة بل لأنها أخفتها عن الوالدة وهي التي علمتنا الصدق واعتبارها صديقة لنا .

هل يفيد هنا أن أقول إن دعد في الصف الثامن ومتفوقة في دراستها ولا تحب الخروج من المنزل كعادةِ الفتيات ، لكنها تقف هذه الأيام كثيراً أمام المرآة تسرِّح شعرها وتزينه بالشرائط الملونة . 

باعتبارها أختي الوحيدة وأنام معها في نفس الغرفة فقد كنت أراقب تحركاتها وأستغرب وأسال نفسي هل سأفعل مثلها عندما أصبح في الصف الثامن ؟

 

أمامي عامان لأرتاح الآن من عناء الأسئلة .

 

تصورت وجه أمي وصراخ أختي عندما ستواجهها بالحقائق ، لابد أنها سوف تصفعها بشدة ، رغم أن أمي تكره الضرب ولم تلجأ إليه في تربيتنا مطلقا ، لكن دهشتي كانت كبيرة عندما أعادت أمي الرسالة إلى مكانها وتجاوزت الموضوع وكأنه لم يكن .

 

مساءً اختفيت لأستحم وعندما خرجت وجدت دعد وأمي جالستين ، كانت أمي تحدث دعد عن الزواج وأنه من المبكر جدا التفكير في تلك الأمور

وقالت ووالدتي إن الزواج سنة الحياة ولابد وأن تتزوج جميع الفتيات ، غير أنه لا يمكن لفتاة صغيرة لازالت تتعلم أن تفكر بهذا الأمر ، ما يجب أن تفكر فيه أولاً هو أن تنهي تعليمها الجامعي ، وعلى الله بعد ذلك مسألة الزواج .

وقالت أمي أيضا لدعد إن عليها الاهتمام بدراستها وتفوقها وتحصيلها العلمي لتصبح قدوة لأولادها في المستقبل .

 

دعد اعتذرت لوالدتي بخجل وقبَّلت يدها طالبة الصفح لأنها اخفت  عنها تلك الرسالة ، أما أنا فقد فكرت في شيئين .

الأول .. ماذا تقول والدة مازن له إذا ضبطته متلبساً برسالة من دعد ؟

والثاني .. أين سأخبئ رسائلي حينما أصبح في الصف الثامن وأبدأ في تزيين شعري بالشرائط الملونة .

 

 

 

ماذا فعلتُ بماكينةِ حلاقة أبي ؟

 

 

أبي من أحب الناس إلى قلبي وأحبُّ والدتي ربما بنفس القدر أو أكثر ، لكنني أجد في والدي أشياءً تجعل منه قدوتي في الحياة ، فهو إنسانٌ عظيم بكل المقاييس .. لابد وأنكم ترون آبائكم كما أرى أبي .

 

أتامله حين يكون جالساً أمام شاشة التلفاز بتابع البرامج الإخبارية وأرى تغضنات جبينه وهو يتألم لأخبار القتل والدمار هنا وهناك وأسمعه يحدِّث والدتي عن سيارات مفخخة لم أكن أدرك أو أفهم معنى مفخخة إذ أن كلمة فخاخ تعني لي تلك التي يضعها بعض أصدقائي للعصافير .

 

ولكنني أحب أن أتعلم كل شيء لهذا سألت والدي عن معنى سيارات مفخخة وقد شرح لي أن بعض الأشرار يضعون متفجرات في سيارة ويتركونها في مكان ما لتنفجر بعد مدة قصيرة وتتسبب بكثير من الأضرار .

 

يزداد إعجابي بوالدي لأنه شخص مثقف يفهم كل شيء ، أقف أمام المرآة وأحدِّث نفسي متى أصبح كبيراً مثل والدي وبصراحة دائماً ما ألبس ربطة عنقه وأضع النظارات الطبية على عيني مقلداً حركاته لعلني ألمح شيئاً ما في وجهي يشبه وجه أبي .

 

ياااااه كم أحب أبي .

 

في يوم جمعة وكعادته دخل أبي الحمام ، حلق ذقنه وخرج مُسرعاً ليرد على مكالمة هاتفية من عمي في الخارج ، أغراني منظر الفرشاة المغطى بالرغوة المعطرة ، اقتربت من المرآة وراقبت وجهي ، للأسف لم ينبت لي حتى الآن ذقنٌ ولا شوارب ، لكنني أريد تجريب الحلاقة .

 

لم أجد إلا حاجبيَّ بشعرهما الخفيف، وقبل أنْ يعود أبي الي الحمام كنت قد مسحت الحاجبين تماما بماكينة الحلاقة .

تصوروا منظري المضحك للغاية ، لكنني لم أضحك وإنما بكيت أمام  المرآة وبكيت أكثر حين لم يوبخني أبي .

 

أخذني من يدي إلى غرفتي واحتضنني  بحنان ثم مسح دموعي قائلاً :

لا بأس يا صغيري ستكبر وتصبح رجلاً  وبعدها تستطيع الحلاقة ، أحببت أبي أكثر من قبل ، أبي رجل عظيم وأحبه كثيراً وأنتظر أن ينمو الحاجبان من جديد حتى لا أرتكب نفس الخطأ في تعلم الرجولة .

أضيفت في04/02/2006/  خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)

 

 

 

 

قبلات على الجانب الآخر

 

كانت ضاحكة ومن فورها اقتربت من زوجي ضمته واغتصبت قبلة من فمه.

 

الغيرة من أصعب الأحاسيس التي يمكنها أن تنتاب امرأة.

فقد تعودت على التواجد معه في محله ومتابعة جميع الداخلين والخارجين لشراء مواد التجميل من محل زوجي في محاولة للتواصل الدائم معه ..

واشعر أحيانا بالقلق حين أراه يتابع النساء الأمريكيات الجميلات بعيونه النهمة التي أحسها ستلتهم ما ظهر من أجسادهن التي لم يتعبن أنفسهن لستر ماظهر منها من المفاتن الجميلة التي تبدو الحياة في أمريكا وخصوصا في فلوريدا متحررة وسهلة جدا يمارس المواطنون حياتهم كما يحلو لهم.

كنت مضطرة للاعتناء بمظهري بشكل يومي للالتقاء بزوجي في مكان عمله في الساعة السابعة مساء من كل يوم وهذا الاعتناء أتعبني كثيرا لا ن أي إهمال بالشكل قد يجعل زوجي قلقا ويتساءل عما حل بي ويتعجب من اصفرار لون وجهي.

وكثير ما كنت اخفي عنه همومي ومشاكلي وحتى أعراض المرض بطلاء وجهي بالماكياج أريده أن يراني بابها حلة وأجمل صورة لكي لا تتفوق علي الأمريكيات ذوات القوام الجميل ..

لم يكن زوجي يتوانى عن التغزل بي ومدح جمالي وأناقتي ويعرب عن حبه الكبير لي وخاصة حين يلاحظ اهتمامي وتقيدي بالمواعيد.

لكن القلق والشك تسللا الى قلبي منذ اللحظة الأولى التي دخلت بها جيسكا محل زوجي لباس فاضح جدا ولها جسد مثير بصدر ضخم ينام على المنضدة كلما اقتربت منه لتجريب قطع من الماكياج كنت أنظر بحياد وحكمة الى حركة عينيهما في ذروة وفاق حلقا فيهما وهما يلتهمان لذة النظرات الحارقة , أنكسر في سري وأهتف في داخلي لماذا يتعرى الإنسان كالمرايا حين تنهش جسده الرغبة دون خجل ولا يردعه الحياء؟

تبتسم له بخبث وتسخر من زمن لا يشبه بقية الأزمنة. زمن يختلط في الطهر بالعهر والضوء بالعتمة والنبيذ بصدأ الأقداح.

كل شيء قربه يحلق معه راقصا ويملأ سقف المكان ينتبه احيانا لوجود فيعدل من حمق اندفاعه.. أصطلي في داخلي لكني أتمالك نفسي متجرعة سعير اللهب النازف من الحلق يمر الوقت عنيفا في بطء الحركة وثقلها وعيناي تفترشان كل مساحات وجهيهما والاطراف والفضاء .. أراه يتبادل معها النظرات ثم يتيهان في لجج العيون يهبطان الى الشفاه ويختبئان في طلاسم الرعشة.

قشعريرة غيرة ورعشة لم تفارقني وأنا أخفي دموعي بين جدران الحجرة التي رصعت ستارتها الوحيدة بأزرار أرجوانية واهتفت من القلب "تبا لك أيتها الحمقاء" الغيرة تتخلل مساماتي.. أبحث عن فنار ينتشلني من هذه العتمة التي أتوه في طلاسمها..

كان زوجي ينسى وجودي وأني أشاهده فيعريها بنظراته الشبقة ويتابع دقائق جسدها.

في البداية لم اعلق على وجودها لكي لا يتهمني بالشك به أنا التي اعتدت على منحه ثقتي المطلقة كنت غارقة في ضباب الأحداق .أحاول كسر الحروف عساها تصيب شغاف قلبي لأفهم كيف ستكون النهاية ومن أجل من؟

جسدي التائه يحتمي بقناع الزيف .. العرق يتصبب من جسدي، ربما يسامرني أو يمحو أسمي من لائحة التضاريس والاحداث؟

ظلت عيناي تلاحقان ذلك المشهد العجيب والنار تستعر في داخلي يصحبها لحن جنائزي يندلق من فج عميق ..

ولكنني حين كررت جيسكا زياراتها دون سبب مقنع غضبت بشدة وحذرت زوجي منها ومن الاقتراب منها والا فإنني سأطالب بالطلاق حتما.

وعدني بلطف انه سيحاول طردها من حياته رويدا رويدا من اجل مصلحة المحل لكي لا تكتشف انه يطردها.

لكن الأمور تدهورت تماما مما جعلني اطلب الطلاق بإلحاح فقد وصلت جيسكا الى المحل بينما أتابع أحاديثي مع زوجي عن دراسة الأولاد وأقساط المدرسة.

كانت ضاحكة ومن فورها اقتربت من زوجي ضمته واغتصبت قبلة من فمه.

المفاجأة جعلت زوجي يطفيء الويب كام عن جهازه وبسرعة خارقة لتختفي الصورة عن كومبيوتري تماما ليترك لخيالي العنان في التفكير بما يحصل في تلك اللحظة بينه وبين جيسكا والتي كانت السبب المباشر في عودة زوجي من أمريكا والإقامة بيننا بشكل دائم والاستغناء عن أحاديث الانترنت والمسنجر.  

 

 

 

لا تلوموني.. فأنا عاشقة

 

 

لا أدري كيف بدأت قصة حبي له! فقد تسلل إلى حياتي رويدا رويدا. وأخذ من قلبي مأخذا كبيراً. فبت لا أقوى على فراقه ولو للحظة واحدة.. امتزجت روحي بروحه حتى أصبحت أرواحنا واحدة تعزف لحن الحب لترتقي إلى سماء التوحد.. أترقبه كل يوم بشغف.. أقبل عليه بشوق لم أعهده في حياتي..

حين انهارت أعمدة المنزل برحيل أولادي إلى الجهة الأخرى من الأرض، مع زوجاتهم وأزواجهم، للبحث عن المستقبل وتكوين أسر دافئة عامرة بالحب.. بقيت وحدي، مع زوجي، يلتهمنا الفراغ وتنخر أجسادنا الوحدة.. تعلقت دون وعي مني بشغافه، وتشبثت بردائه.. فقد منحني ما كنت أبحث عنه من حب.. وأصبح لي جسرا نحو تحقيق أحلامي.. وقلبا مليئا بالحنان والعطف..

أصبحت الساعات تتراكض سعادة وأنا أسامره كل ليلة.. يشد على يدي ماسحا دموعي الفائضة.. حتى صار جزءا لا يتجزأ مني.. وحبيبا أبيع الدنيا من أجل قضاء وقتي المنزوي في دهاليز العتمة معه! فهو قمري الذي أضاء هذه العتمة.. يبعدني عن هواجس الوحدة والتفكير بالأيام القادمة كأنها صحراء قاحلة سأحترق بقيظها إن لم أجد حلا..

أدور في فراغات المكان.. باحثة عن روائحهم التي بقيت تعشش في طيات ملابسهم وعلى أسرّتهم ووسائدهم.. رحلوا دون أن يتصوروا كيف سيفضي بي الحال بعد أن يتركوني للزمن والأيام القاتلة بساعاتها الثقال.. ولحظاتها الموحشة المنسربة إلى خلايا جلدي كسم قاتل ..

أبحث عمن يؤنس وحدتي ويبعث الحرارة والدفء في صقيع أيامي الخالية من صدى أصواتهم وضحكاتهم.. ضحكاتهم التي تعودت عليها فيما مضى من أيامي..

وحده احتواني وأصغى السمع لأنيني.. سجل كل كلمة وجهتها لهم.. رجاء.. رجاء.. وأمل في عودتهم!

كان يمد إلي يديه بحنان ليشعرني بكينونتي وسر وجودي.. أسامره ساعات طويلة دون وعي ولا ملل.. أدور في جنباته كيمامة تبحث عن بصيص ضوء افتقدته منذ زمن بعيد.. أصبح ملاذي ووسادتي التي أضع رأسي المثقل بالهموم عليها لأستريح في ثناياه..

كان زوجي يختلس النظر من بعيد ليرقبني وإياه.. حاملا في عينيه الغيرة التي يتصف بها من تصرفاتي.. وهو على علم بما يحدث لي وله طيلة الليل والنهار.. فبات كوحش مفترس يرتقب الانقضاض على ضحيته..

نظرات زوجي له كلها حقد وكره! خاصة حين يعود من عمله ويجدني قد أهملت كل أعمالي واقتربت منه بشغف كبير! حتى إنه سرق اهتمامي فبت لا ألقي بالا لعودة زوجي من العمل، وخروجه من المنزل.. فأنا مشغولة بحبيبي الجديد الذي منحني الأمل وحب الحياة وأعاد لي بهائي.. حبيبي الذي يضخ لي الدهشة والحافز على الكتابة والسمو في فضاءات الأدب والعطاء ..

علم الجميع بقصة حبي.. وتناقلتها الألسن والأفواه..

حتى أهلي وأقاربي وجيراني.. جميعهم قدموا لي النصيحة أن ابتعد عنه لكي لا أتسبب في طلاقي وهدم أركان هذا المنزل الذي أسسته بتضحياتي وتحملي صروف الزمان..

لكنني لم أبال بكلامهم! فقد عشقته حد الثمالة.. ولم أعد أستطيع فراقه مطلقاً!

أفكر فيه حتى في نومي!

كرهت التنزه والرحلات التي تبعدني عنه.. اقترح علي أهلي السفر خارجاً للابتعاد عنه..

وافقتهم وسافرت! ولكني لم أبتعد عنه مطلقاً! فقد خصصت له ساعتين في اليوم.. أقترب منه.. أبحث معه عما يسعدني..

وأعترف لكم أنه ساعدني كثيرا.. ويستحق اهتمامي الكبير فيه..

ساعدني في ازياد ثقافتي واطلاعي.. وجعلني أرى العالم بمنظار جديد..

حين أبدا بالحديث عنه لجاراتي أرى في عيونهم السخرية والغضب من اهتمامي المتزايد به! وتترسم على وجوههم علامات الدهشة والتساؤل باستغراب؟!

كيف أتعلق به وأنا سيدة مجتمع وأم وزوجة؟!

أردد في سري: أغبياء! لا يعرفون قيمته!

لكن مأساتي كانت كبيرة جدا حين ابتعد عني حبي الكبير..

فقد ضُربت أبراج الكهرباء، بسبب الرياح الشديدة، وانقطع التيار الكهربائي لمدة ثلاثة أيام متتالية!!

كدت أجن وأنا أرى نظرات الشماتة في عيني زوجي!!

إنها المرة الأولى التي أبتعد فيها عن.. عن جهاز الكومبيوتر! حبي الغالي.. كل هذه المدة..!

أضيفت في 19/10/2005/  خاص القصة السورية

 

 

 

لحظة ضعف

 

 

عندما نتمادى في أخطائنا نتصور أن ضمائرنا قد ماتت تماما

لكن المأساة حين يغادر ضميرك دهاليز السبات وينطلق نحو اليقظة بلا تردد ويبدأ بمحاسبتك على كل ما اقترفته يداك من آثام وأخطاء

دموعه المنسربة على تجاعيد وجهه الحزين الغائر في متاهات السنين لم تبعث في نفسي الحافز للولوج في بوتقة أحزانه وبما أنني طبيبه النفسي كان علي أن أصغي باهتمام لكل تفاصيل حياته ودقائقها وبشكل حيادي

ولا يحق لي محاسبته على أخطائه مهما حصل

إستلقى على الكرسي المتحرك باسترخاء كما طلبت منه تماما

أغمض عينيه وبدأ بسرد الوقائع التي تحولت إلى كابوس يقلقه ليل نهار

وعزا سبب إنتسابه لسلك المخابرات الى الفقر المدقع الذي كان يعيش فيه هو واسرته

وبما أن الراتب الذي كان يتقاضاه زهيدا فإنه كان مهما لتأمين بعض احتياجات أسرته

وقد اخلص لعمله الذي امن له إلى جانب الراتب مكانة إجتماعية مرموقة نوعا ما

فالكل يهابه بسبب قلمه المفخخ بالتقارير الاستخباراتية ’ حتى أولاد عمومته لم يسلموا من تقاريره النارية التي تودي بصاحبها في غياهب السجون بل الى الاعدام أحيانا

كنت أتساءل مع نفسي وأنا أحدق فيه هل يولد الإنسان ساديا وعدائيا أم أنها صفات مكتسبة من البيئة التي تحيطه .

بحثت كثيرا بين طيات الكتب التي إمتلأت بها أدراج مكتبتي المتواضعة لعلني أحظى بإجابة تشفي فضولي لمعرفة الاسباب والنتائج لكنني لم أجد ضالتي ...

حدثني كيف تسبب بمأساة لجاره كلفته عشر سنوات من عمره قضاها في المعتقل ..

لم تكن الأسباب أمنية أو سياسية إنما مشاكل خاصة بين زوجته وزوجة جاره والذي هدده كثيرا بالمسدس الذي لطالما تفاخر به ..

سرد لي تحت دهشتي الكبيرة طريقة عمله عندما استلم فرع التحقيق وكان عليه واجب انتزاع الاعترافات من أصحابها

لم يكن مهما أبدا إن هم قاموا بفعل تلك الأشياء ام لا.. المهم اعترافهم بها بفعل التعذيب ..

صرخات الألم كانت تصم أذنه .. لكنه كان لايأبه لها وكان يقنّع وجهه بابتسامة مزيفة وخبيثة في نفس الوقت أمام مسؤوله المباشر قائلا :

ـ سيدي لقد اعترف ابن الكلب أخيرا ولكن لا ادري عن حالته هل نطلب له الإسعاف؟؟؟

ـ ضعهم يصبون على رأسه بعض الماء البارد فيصحو...

حدثني عن صديق له كان قد اختلف مع زوجته وخرج من المنزل غاضبا متوجها نحوه ليشكو له ماآل إليه حاله بعد المشاجرة الحاصلة .. ربت على كتفه الأيمن موجها له دعوة لزيارته للتخفيف عن معاناته قائلا له

ـ تعال لتشاهد معي (فلما مثيرا).. ينسيك زوجتك وخلافاتها..

بعد جلسة كهر بائية لموقوف تحت التعذيب جحظت عيناه وشهق شهقات لا يحتمل سماعها بشر بينما جسده ينتفض

أغمي على جاره الذي كان يشاهد قسوة التعذيب في ذلك الفلم وبعد أن استيقظ من إغماءته قطع صلته به تماما واعتبره مخلوقا حقيراً لا يستحق حتى المصافحة..

كان دائم الشعور بالرضا من عمله .. فاقدا لأنسانيته ..

..فهو محبوب لدى مرؤوسيه لما يقوم به من عمل ( شريف لصالح الوطن )

تفترش وجهه تلك البلاهة المشوبة بالرذيلة ..

عندما جاء إلي طالبا العلاج استبشرت خيرا وقلت: لابد وان ضميره مثقل ولم يعد قادراً على الاستمرار في ظلم الآخرين وأنها بداية تحول في حياته .. والندمعلامة من علامات الخروج من ثوب الرذيلة والرجوع الى السبيل القويم

عسى أن يسامحه الناس على مااقترفت يداه

على أية حال فوجئت بطلبه وهو يحدثني عن هواجسه الضاربة أركان ضميره الغافي على أشواك المصائب والمكائد بعد أن زادت أحماله وفاض  بئر همومه

ـ كلف بمهمة سرية في بر وكسل لتصفية احد المواطنين الخارجين عن قانون الدولة بتهمة انه عميل لجهة ما

وكان عليه قبل تصفيته مراقبته مراقبة حثيثة من خلال زرع السماعات في أنحاء منزله وسيارته لتسجيل وقائع خيانته

استمرت مراقبته ستة أشهر متتالية كان يعد على الرجل وعائلته أنفاسهم وحركاتهم حتى  همهمات الزوجين في غرفة نومهم كان يسمعها وصوت تدفق الماء في حماماتهم

.... أحاديث أطفاله معه ومع زوجته

ضيوفهم وثرثرات جارتهم حين تجلس ساعات تشكو زوجها... لم يستطع تسجيل خيانته ولا بأي طريقة وأدرك براءته

لكن الأمر جاءه أخيرا لتنفيذ المهمة وقتل الرجل والعودة من المهمة

وهنا بدأت مأساته وأعراض مرضه فقد تسللت الطيبة إلى قلبه بعد أن عايش الأسرة الطيبة شهورا

فرفض تنفيذ المهمة التي نفذها زميله بيسر وسهولة

لم يكن ساخطا على العقوبة التي وقعت عليه إنما كان ساخطاً على نفسه وعلى ضعفه وطيبته

فما كان منه الا أن  قرر القدوم إلى عيادتي لأساعده على استئصال مكامن الضعف عنده

 

 

قلادة الدهشة

 

 

كنت أتابع هبوط الطائرة صوب مدرجها قرب البحر ويكاد يخيل لمن يتابعها أنها سوف تسقط في الماء . 

للوصول رعشة مميزة فعندما لامست عجلات الطائرة أرض المدرج  إرتعش جسدي بشدة ، لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ .

كان بانتظاري أقارب وأصدقاء وقد أبدى الجميع استعداهم لتوصيلي إلى مكان إقامتي في هذا البلد .

أتأمل الشوارع والمباني أثناء سير السيارة التي تقلني وكل شئ في هذه المدينة يدلُّ على حضارتها .

ينبغي أن أبدأ جولاتي في المدينة لكي أرى معالمها ، تحسست حقيبتي لأتأكد  من وجود الكاميرا .

كل شيء مبهج في هذه المدينة ، سكانها منطلقون  ، وجوههم سعيدة وقد شرح لي صديق كيف أتجول وقدم لي خريطة للمدينة محدداً أماكن محطات المترو وأسمائها .

الوقت بالنسبة لي هنا ثمينٌ جدا وعلىَّ ملاحقته  بالتجول والتعرف إلى معالم المدينة ولهذا صحوت مبكراً وخرجت ومعي الخريطة إلى أقرب محطة مترو .

اشعر بغربة حقيقية إذا لم أتمكن من السؤال عن أي أمر في بلد لا أتقن لغته وفي المترو جلست على أول مقعد صادفني في فترة الذروة الصباحية هذه التي ينطلق فيها الجميع إلى أعمالهم .

من بين الركاب .. طالعتني عيناه ....

كان يحدِّق بي بطريقة لافتة للنظر ويبدو أنه عربي ولكن هل عرف أنني عربية أم أنني أشبه سيدةً يعرفها ؟

انشغلت عنه بقراءة أسماء المحطات في لوحة مثبتة إلى جانبي وكنت ألقي نظرة سريعة إلى مكانه كلما توقف المترو في محطة لعله يغادر لكن عينيَّ كانتا تلتقيان بعينيه مباشرة .

هاهي المحطة التي أريد ..  توقف المترو وبسرعة تسلقت الدرج الصاعد إلى الخارج لكنه استوقفني بلهجة عراقية :

ـ هل أنت عروبية مدام مجد ؟

التفت إليه بنظرة حيرى وأعجبت بفراسته وقدرته على معرفتي .. كيف في بلد كبير وفي هذا الزحام يعرفني ؟

وقبل أن أجيب تابع كلامه : أنا الدكتور عبد الرحمن عراقي ولكني أحمل الجنسية الإنكليزية ثم مد إليَّ بطاقة كتب عليها اسمه وأرقام هواتفه قائلا إنْ احتجتِ إلى شئ مدام مجد أو أي خدمة لا تترددي بالاتصال وأسرع مغادرا المحطة والمكان .

كدتُ أصرخ به ليتوقف ربما لشعوري بالألفة تجاه عربي في بلاد غريبة

وقد تكون حاجتي لدليل يرافقني في التجول في مدينة غريبة ، لكن خجلي وحيائي منعاني من الصراخ .

من هو وكيف عرفني من بين الجميع لقد لفظ اسمي وهذا يدل على معرفة أكيدة .

ألححت على ذاكرتي لعلها تسعفني بتذكره أو باستحضار بعض التفاصيل عن الأماكن المحتمل أن نكون قدا لتقينا بها لكن دون جدوى ولم تغب صورته من ذهني على مدى يومين .

أخيراً قررت أخذ مبادرة تريحني وتجيب عن سؤالي وعلى الهاتف حدد لي موعد لقاء .

تمر الدقائق بطيئة في انتظار وصوله وأخيراً يطلُّ بابتسامته الطيبة ويجلس في الكرسي المقابل ممعنا النظر إلى صدري وابتسامة تعلو شفتيه

مدام مجد أريد أن أسالك سؤالا قبل أن يأخذنا الحديث ؟

هل قلادتك مشغولة في بلدك ؟

بحكم الاعتياد لم أكن أطالع قلادتي ولكنه حين سألني نظرت إليها .

أطرقت إلى المنضدة التي أمامي وقد انتابتني ضحكة هستيرية لم أتمكن من كبحها رغم دهشته الكبيرة ونظرات الناس من حولنا .

قلادتي كانت .. عبارة عن اسمي مكتوباً بالحرف العربي . 

 

 

صورة للخوف

 

 

لم تكن تلك زيارتي الأولى لمدينة حلب ، هذه المدينة التي لم أشعر بدفئها يوماً ، رغم عراقتها وقدمها في التاريخ والتي تحكي عنه أوابدها وقلعتها الشامخة رغم تعاقب المحن عليها .

لا أدري فبرغم شريط الذكريات الجميلة الذي عشتها في حلب إلا أنني لم أصبح من عشاقها ويبدو أنَّ قصة موت حبي هناك هي العامل الأقوى الذي جعلني أنفر منها ولا أحن إليها فقد شهدَت حدائقُ تلك المدينة ومقاهيها قصة حبي التي ماتت هناك في مشهد ما يزال يحفر ذاكرتي .

 

زيارتي هذه المرة لحلب جاءت بدعوة من الأصدقاء ورغم محاولاتي للتهرب من زيارةٍ قد تفتح جروحي إلا أنني لم أستطع التهرب أكثر وفور وصولي إلى المدينة اعتراني حزن وانقباض غريبان لكنني كنت أراوغ في تعليل أسباب هذا الشعور .

 

ساحة سعد الله الجابري من أهم الساحات في حلب وهي من المناطق التي أعرفها جيداً ولهذا توجهت مباشرةً إليها لعلني من هناك أركب سرفيس أو سيارة تقلني إلى حيثُ أريد .

 

مساءاتُ تلك المدينة حزينة جداً وباردة .. لم أحتمل الوقوف طويلاً أشرت لسيارة عابرة ودفعت للسائق بورقة  تحمل العنوان بالتفصيل ، كنت أتصور أنني ذاهبة إلى أحد أحياء حلب ، نظر إلي السائق في مرآة أمامه وسألني : هل تعرفين المكان ؟؟

ترددت بالإجابة ثم قلتُ : لا 

تابع قيادته صامتاً .

 

بدأت السيارة في الخروج من المدينة والليل يزداد رهبة  وبدأت ألمح مزارع موزعة على جانبي الطريق .. أين يمضي بي هذا السائق .

تأملته في المرآة عيناه فيهما خبث وملامحه تدل على إنسان شرير ، تشاغل عني بكيس من الفستق أمامه وصوت تقشير الحبات يصيبني بالدوار والقشعريرة ، ومن مسجل السيارة كانت تنبعث أغنية عربية لم أفهم كلماتها فأيقنت أنها تركية فالكثيرون هنا يسمعون الأغاني التركية .

 

هل أصرخ وأطلب منه التوقف وأنزل من السيارة ؟ هل سيوافق ؟ وإنْ وافق كيف أتصرف في مكان موحش كهذا ، هل أستطيع الدفاع عن نفسي لو حاول اغتصابي ؟ وإنْ لم أستطع هل أشكوه إلى السلطات وأفضح نفسي ؟ وهل أخبر زوجي ؟

خطر ببالي كل ذلك وأنا أحاول التأقلم مع المفاجئآت والانفعالات التي قد تحدث .

يحاول السائق إيهامي بعدم اهتمامه .

أردد في سرِّي : ياله من محتال.

ضقتُ بصمته وشكوكي وبدأ جسدي يرتعش خوفاً مما قد تنتهي إليه هذه الرحلة وكاد قلبي أنْ ينفجر حين رأيت أخيراً لوحة كتب عليها أننا بدأنا بالدخول إلى تلك المنطقة .

صرخت بالسائق : قف سوف أنزل هنا .

التفت هادئاً : سيدتي هذه منطقة خطرة لا يجب أنْ تكوني وحدك ، سوف أوصلك إلى المكان الذي تريدين ، ثم أوقف سيارته وسأل عابراً عن العنوان ثم توجه إليه .

أنزل حقائبي بأدب كبير ونظر نحوي مودعاً

ياربي .. الطيبة في وجهه وعيناه تفيضان رقة ولطفاً .

كيف رأيته غير ذلك .. آه .. ربما هي صورة للخوف .

 

 

أحمر شفاه.. لموعد الخمس دقائق

 

 

فرحها كبير بما يكفي لتخبر كلَّ من حولها عن موعدها الرائع، لم تكن أتتوقع أن تتحقق أمنيتها وأنها ستقابله أخيراً.

تخيلت كثيراً ترى كيف سيكون شكلُ مكتبه ؟ لابد أنه فاخر جداً   فالحديث يدور هنا عن مبالغ يتقاضاها مقابل كل مشروع يضع توقيعه عليه .

إذاً لا اقل من أن يهتم بمكتبه.

راحت ترتب الخطط لشراء ملابس تناسب لقاءً كهذا، سأضع أحمر شفاه خفيف فالتبرج الزائد في أماكن كتلك غير مناسب وباعتبار اللقاء في فترة ما قبل الظهر عليَّ اختيار ملابس بألوان هادئة كي لا تصعقه الألوان وكنتُ واثقة أنه سيعجب بي وبأناقتي و يمتدحني- رددت في نفسها تلك العبارات بثقة-

إنه رجل المهمات الصعبة فكل الأمور متعلقة بموافقته كما أنه من النوع الذي لا يعقد الأمور ولا يشعر باليأس فكل مشكلة عنده ولها حل.. الحياة هكذا أخذ وعطاء .

تعمدت القيام بزيارات كثيرة لأقاربها ومعارفها من أجل التحدث عن أهميتها وعن اللقاء المنتظر وكانت تلذذ بنظرات الغيرة والحسد في عيون من حولها، لابد أنهم يتهامسون فيما بينهم ويتمنون أن يحصلوا على نفس الفرصة وتضحك من غبائهم و هم يظنون أن تلك اللقاءات الهامة في متناول الجميع ؟

وأجابت على تساؤل صديقتها عبر الهاتف:

ولولا أنني مقربة للغاية من صديقه لما سنحت لي فرصة اللقاء النادرة تلك.

نعم لدي موعد معه... ...

قالتها بزهو وتعال

وسوف تحظى بالوظيفة التي طال انتظارها، فقد طمأنها قريبها فعلاقته به قوية ويسهران معا كل ليلة.

أرفقت البطاقة التي ستقدمها له بهدية من النوع الذي يقال عنه ( ما خف حمله وغلا ثمنه ) لأنه.. لا يقبل الرشوة أبدا لكنه يقبل الهدية ويردد ( سيدنا محمد قبل الهدية )

وذكر لها احدهم انه من اجل مناقصة يردها أن ترسو عليه اضطر لإهدائه سيارة فاخرة ليست له إنما لابنه المراهق الذي تشهد له المدينة كلها ببراعته في استخدام المكابح

لكنها لا تستطيع إحضار هدية كتلك فهي تبحث عن وظيفة لن يزيد راتبها عن ثمن الهدية التي أحضرتها

في مثل تلك اللقاءات الهامة لابد من حجز موعد مسبق وقد اتصلت بمكتبه وأخبرتهم أنها فلانة من طرف فلان ورد مدير مكتبه الفظ في جوابه بأنه سوف يحدد لها موعداً ويتصل بها، لم يطل انتظارها فقد اختار يوم الاثنين الساعة الثانية عشرة ظهراً.

أي بعد يومين فقط وهذه فترة كافية لتجهيز نفسها بما يليق لمقابلة هذا الرجل المهم وفرصة للتدرب على العبارات التي ستقولها وفكرت بأنه من الأنسب ألا تذهب وحدها فقد يطول وقت وجودها معه وتعرِّض نفسها للأقاويل، اتصلت بصديقتها وطلبت منها مرافقتها ودون تردد وافقت فقد أعطتها.. هي أيضاً.. فرصة لا تعوض.

لم تتأخر وأمام مكتبه كانت قد وصلت قبل الموعد بخمس دقائق، استقبلها مدير مكتبه بعجرفة واضحة وأشار لها أن تجلس بينما طلب من رجل كان دوره قبلها أن يدخل لمقابلته.

هواجس كبيرة اعترتها هل غيروا الموعد ؟ لابد أنَّ هذا الرجل سيعطيه شيئا ويخرج قالت لنفسها حتى تبدد الهواجس التي تسلسلت إلى قلبها وفي الثانية عشرة تماماً خرج الرجل وطلب منها مدير المكتب الدخول.

تسارعت دقات قلبها فرحاً لكنها كادت أن تتوقف عند رؤيتها للرجل أخيراً في مكتبه، كرسيه أصغر من حجمه بكثير وواضح أنه حشر نفسه في الكرسي حشراً مما كوَّر بطنه بشكل زائد عن الحد. 

أمامه أوراق مهمة لأنه لم ينظر اليهما ولم يقف لتحيتهما...

المحافظ. دات نطق.. المحافظ .بعدها بلهجته العامية:

نعم يا أختي ؟

قدمت له الهدية وبطاقة الواسطة التي قرأها بسرعة وقال لا بأس سجلي اسمك في عند مدير المكتب وعندما يجدون عملاً لك سيتصلون بكِ، كانتُ تود أن تشرح له أنها مسجلة هناك منذ سنوات عدة لكنه أنهى المقابلة قائلاً: مع السلامة نحنا في الخدمة.

رجت دموعها ألا تنهمر قبل أنْ تغادر مقر المحافظة  في الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق .

 

أضيفت في 19/06/2005/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية